نقص المشتقات النفطية لدى النظام السوري، أوصلته إلى ضعف اقتصادي كبير، حيث أنه مع فقدانه السيطرة على معظم آبار النفط بدأ اقتصاده بالانهيار، ومع زيادة الاستهلاك اليومي للنفط وحاجته لاستيراد كميات كبيرة تسد هذا النقص، ليتمكن من توزيعها على المناطق التي يسيطر عليها، بدأت الليرة السورية بالانهيار لتصل قيمتها أمام الدولار لأرقام قياسية تخطت فيها يوم 4 آذار (مارس) الماضي حاجز الأربعة آلاف ليرة للدولار الواحد.
هذا كله جعل النظام السوري، يشعر بالحرج أمام مواليه، علماً أنه يعرف تمام المعرفة أنَّ المواطن السوري الذي يعيش في مناطق سيطرته ورأى ما جرى من همجية وإجرام تخطى كل الحدود بحق المناطق التي ثارت عليه، لن يجرؤ على رفع صوته طلباً بإيجاد حل قد ينهي معاناته من ارتفاع أسعار المواد الاستهلاكية الجنوني، أو حتى انعدام وجود المواد النفطية كالمازوت والغاز لاستخدامها في التدفئة.
رسالة بشار الدموية لمواليه
بشار الأسد أراد ولو معنوياً إرسال رسالة إلى مواليه أنه يشعر بمعاناتهم، ولكن الأسد المعروف بإجرامه، أوصل هذه الرسالة من خلال استهداف سوق لبيع النفط في منطقة الحمران التابعة لمدينة جرابلس، واستهداف آخر كبير لصهاريج النفط المتمركزة في منطقة الحراقات في بلدة ترحين التابعة لمدينة الباب شرق مدينة حلب، والخاضعتان لسيطرة الجيش الوطني المدعوم من تركيا.
هذا الاستهداف - الذي أقل ما يمكن أن يوصف أنه جريمة حرب جديدة يرتكبها النظام على مناطق مدنية تتسبب بسقوط قتلى وجرحى، ناهيك عن الخسائر المادية لأصحاب الصهاريج والحراقات - يعتبره نظام الأسد إعادة اعتبار له ولجمهوره المصفق، متناسياً أنَّ سبب أزمته النفطية موجودة في نقطة جغرافية بعيدة جداً عن مكان الاستهداف هذا، وهي تقع في أقصى الشرق، في المناطق التي تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية "قسد" التي تدعمها الولايات المتحدة الأمريكية، في ريفي دير الزور والحسكة، حيث آبار النفط الرئيسية.
الأسد الضعيف أمام إسرائيل
استهداف الأمس لمناطق شرق حلب، يشابه تماماً ردود النظام السوري على عمليات القصف الإسرائيلية على ثكناته العسكرية، ومخازن أسلحته، والتي كان يرد عليها بقصف المناطق الخارجة عن سيطرته في عموم سوريا، ليشيع لجمهوره الموالي، أو ما تبقى منهم أنه يستهدف المصالح الإسرائيلية هناك، كون النظام السوري يعرف تمام المعرفة أنَّ أي استهداف سواء باتجاه إسرائيل أو حتى المصالح الأمريكية أو حلفائها في منطقة الجزيرة، يمكن أن تكون له عواقب وخيمة، قد تصل إلى تحرك دولي باتجاه اقتلاع النظام بالكامل، وهذا ما يخشاه ويعمل على إبعاده، فلذلك يسعى نظام بشار الأسد إلى إقناع جمهوره من الموالين، أن ما قام به الأمس ما هو إلا رد على النقص في المشتقات النفطية التي يعانون منها في هذا الشتاء البارد، وكأنه يقول لهم، أشعلت لكم الحرائق في المناطق الخارجة عن سيطرتي كرما مني فتدفؤوا بها.