كنا نأكل من قمحنا خبزا كأقمار مقمرة، ودوابنا من شعيرنا، أنهارنا كانت شرايين حياة في أرضنا تطعمنا على كل ضرس لونين، وينام أطفالنا ببطون مليئة قريري العين هانئيها.
في ظل حكم العائلة الأسدية أصبحنا نستورد قمحنا وشعيرنا، من أوكرانيا، وصار خبزنا مغمسا بالدم، وأطفالنا تنام ببطون خاوية، مع أول طلقة روسية على أوكرانيا أصيب الوريث الأسدي برعشتين: الخوف من فقدان القمح الأوكراني وشعيره، والخوف من التأخر في تأييد القيصر الغازي الذي أنقذ نظامه من الانهيار تحت ضربات الثوار، فأمر بترشيد الإنفاق لوضع بأصله لا يطاق، وقبل صياح أول ديك أعلن للغازي، كشعراء المديح، دعمه على عجل لغزو أوكراينا التي كانت تزوده بقمحها وشعيرها، دون شعور بخجل، سخر منه العالم حين قال: "مواجهة روسيا لتوسع الناتو هو حق لأنه أصبح خطراً شاملاً على العالم وأن الهيستريا الغربية تأتي من أجل إبقاء التاريخ في المكان الخاطئ وأن الغزو تصحيحٌ للتاريخ وإعادةٌ للتوازن إلى العالم الذي فقده بعد تفكك الاتحاد السوفيتي. إن روسيا لا تدافع عن نفسها فقط، وإنما عن العالم وعن مباديء العدل والإنسانية، العدو الذي يجابهه الجيشان السوري والروسي واحد، ففي سوريا هو تطرف، وفي أوكرانيا هو نازية" قاتل شعبه بالكيماوي يدافع عن العدل، وعن غازٍ جلبه إلى سوريا ليبني قواعده فيها ويدعم القاتل الكيماوي بالإمعان أكثر في القتل، فدماء أطفال سوريا لم تتخثر بعد من ضربات طائرات بوتين على منازلهم وهم يغفون ببطون خاوية تقرقر. وحده في العالم هرول وجلا ليكيل المديح لغزو أنكره العالم بأسره وينذر بحرب لا تبقي ولا تذر. والمضحك حتى البكاء ما جاء على لسان "شبكة البعث ميديا"أن وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو وضع الأسد بصورة الموقف الميداني على الجبهة الأوكرانية وبالموعد المحتمل للعمل العسكري والأهداف الروسية من هذا العمل على الأرض" فهل كان شويغو قد جاء إلى سوريا دون "حاضر ولا دستور" ليرعى مناورات روسية في مياهها ليأخذ الموافقة منه لغزو أوكرانيا؟ شر البلية ما يضحك فعلا. لبنان الذي غزاه والد وريث سوريا بالأمس، ونكل باللبنانيين والفلسطينيين زهاء ثلاثة عقود، دان غزو أوكرانيا ففي بيان لوزارة الخارجية اللبنانية نددت باجتياح الأراضي الأوكرانية ودعت روسيا إلى وقف العمليات العسكرية فورا وسحب قواتها من أوكرانيا التي تتعرض لأكبر هجوم على دولة أوروبية منذ الحرب العالمية الثانية".
وزارة خارجية لبنان رهينة حزب ولاية الفقيه، كأنها تصرفت بمفردها دون الرجوع إلى الرئيس ميشيل عون حليف حسن نصر الله الذي سارع إلى إدانة بيان الوزارة ودعا وزير الخارجية إلى "التوضيح"، وقام وزير الخارجية على الفور بتصحيح الخطأ "الديبلوماسي" بعدم إدانة الغزو في مجلس الأمن. وهذا ما يؤكد الانقسام في السياسة الخارجية لدى الدولة الغارقة بالأزمات التي جلبها حزب ولاية الفقيه بعد إرسال مرتزقته إلى سورية ليرتكب المجازر، على غرار القيصر الغازي، في أطفال سوريا وأطفال لبنان كأطفال سوريا يباتون ببطون خاوية. فدولة حزب الله العميقة في لبنان ما فتئت توقع وزارة نجيب ميقاتي، التي لا تملك حتى صلاحية إقالة وزير دون علمه، في حيص بيص..