عن القدس العربي
لم نعد نحصي الصحف الدولية التي تنشر تقارير عن ضلوع النظام السوري، وعلى رأسه بشار الأسد بإدارة أكبر " مافيا مخدرات في العالم،( الغارديان البريطانية، دير شبيغل الألمانية، نيويورك تايمز و فوكس نيوز الأمريكيتان، وآخرها لوموند الفرنسية ) ولا يمر أسبوع إلا وتنشر الوكالات أخبارا عن إلقاء القبض على عصابات تهريب مخدرات، أو مصادرة شحنات كبيرة من مختلف أصناف المخدرات، وخاصة الكبتاغون التي تنتجها مصانع الأسد المنشرة، كأجهزة مخابراته وسجونه ومعتقلاته في سورية. آخر ما أورته صحيفة لوموند الفرنسية تحت عنوان: " الأسد يتزعم تجارة الكبتاغون في الشرق الأوسط" تقول: "إن الرئيس بشار الأسد طوّر الإنتاج الصناعي لمخدر الكبتاغون في سوريا، من أجل الالتفاف على العقوبات الدولية وترسيخ شبكات الولاء له، وأصبح ثنيه عن متابعة أو حتى تحجيم مثل هذه التجارة المربحة أمرا غاية في الصعوبة..
وتتابع" بشار الأسد لم يكتف بالجرائم ضد الإنسانية، وجرائم الحرب والمجازر المنظمة، والاغتصاب الممنهج وحملات الاختفاء القسري، وطرد مجموعات سكانية بأكملها، وغيرها من الجرائم المنسوبة إليه؛ فأضاف إليها الآن -اقتناعا منه بإفلاته من العقاب- جريمة الإنتاج الضخم والتسويق العدواني للمخدرات، حتى أصبحت الأراضي السورية الخاضعة لسيطرته منطقة الإنتاج الرئيسية للكبتاغون" وتتابع الصحيفة".
" أن الرئيس الراحل حافظ الأسد عندما أرسل جيشه لاحتلال جزء كبير من لبنان عام 1976، لم يضيع الوقت وأخذ ضريبته على الحشيش المزدهر في سهل البقاع اللبناني، ثم شجع على تنمية زراعة الخشخاش هناك، قبل أن ينشئ مختبرات لتحويل الأفيون المنتج محليا إلى هيرويين تحت سيطرة الجيش السوري المحتل، وأنشأ أباطرة نظام الأسد الذين يديرون هذه التجارة المربحة عصابات في سوريا يسمونهم "الشبيحة"
أرباح بالمليارات
صحيفة الغارديان أكدت أن المخدرات صارت الشريان الاقتصادي الرئيسي لنظام الأسد، في العام 2020 جنى النظام حوالي 3,5 مليار دولار من تجارة المخدرات، فالحبة الواحدة تباغ بمبلغ 15 دولار. صحيفة نيويورك تايمز أكدت في تقرير لها أنه تم ضبط 25 مليون حبة كبتاغون في العام 2021 في العالم، ( ولا يعرف حجم الكميات التي لم تضبط وتم تصريفها). المبعوث الأمريكي الخاص لسوريا في عهد دونالد ترامب أكد أن:" سوريا هي التي تصدر المخدرات".
إغراق الخليج بالمخدرات
في شهر نيسان/أبريل من العام 2011 وبحسب تقارير صحفية استقصائية طلب بشار الأسد من اللواء حسام سكر بناء أربعة مصانع لتصدير المخدرات لتحقيق هدفين متلازمين: جني الأموال من تجارة مربحة، وإغراق دول الخليج بالمخدرات وتدميرها لأنها تريد "تخريب سوريا"، ومنذئذ انتشرت المصانع في كل مكان وخاصة في منطقة الساحل السوري وفي قريتي البصة والصنوبر الساحليتين. وباتت دول الخليج قلقة وتخشى عمليات التهريب المتكررة والمواجهات المسلحة مع المهربين الذين لم تعييهم الحيل في إخفاء بضائعهم القاتلة في الفواكه كالرمان والبرتقال والليمون، وآخر ابتكار تفتق عن ذهنيتهم الجهنمية إخفاؤها في صناديق الشاي التي قامت السلطات اللبنانية مؤخرا باحتجازها في عرض البحر وكانت موجهة للملكة العربية السعودية، وكانت الكويت، والإمارات العربية، وكذلك العراق قد كشفت عدة عمليات تهريب أيضا. وتعدت التجارة إلى معظم دول أوربا والشرق الأوسط وخاصة تركيا، واليونان، وإيطاليا التي ضبطت كميات هائلة ( 14 طنا من حبوب الكبتاغون في تموز/يوليو 2020 تصل قيمتها إلى مليار دولار). وشرق أسيا حيث عثرت السلطات الماليزية في مارس/آذار 2021 على أكثر من 94 مليون حبة داخل عجلات عربة مطاطية. وتتمثل أكبر مخاوف حكومات المنطقة في أن الشبكة السورية التي أُنشأت لتهريب أقراص الكبتاغون بدأت في تصنيع وتصدير مخدرات أكثر خطور مثل مخدر الميثامفيتامين الكريستالي.
الفرقة الرابعة الراعية والحامية
صحيفة "نيويورك تايمز تقول إن" الفرقة الرابعة المدرعة في الجيش السوري التي يقودها ماهر الأسد الأخ الأصغر لبشار تشرف على جزء كبير من عملية إنتاج وتوزيع وحماية تهريب هذه الحبوب. ويمثل المكتب الأمني للفرقة الرابعة برئاسة اللواء غسان بلال نسبة كبيرة من الجهاز العصبي لشبكة تهريب وتصنيع المخدرات. وأكد العقيد حسن القضاة، رئيس دائرة المخدرات في مديرية الأمن العام الأردني: إن "تواجد هذه الفرقة في المنطقة خطير، فمصانع الكبتاغون منتشرة في مناطق سيطرة الفرقة الرابعة وتحت حمايتها".وفقًا لمسؤولين أمريكيين سابقين وسوريين يشارك العديد من رجال الأعمال السوريين البارزين في هذه الأعمال التجارية المشبوهة. كعامر خيتي. وخضر طاهر، وكانت الولايات المتحدة قد فرضت عقوبات على بشار وماهر الأسد والجنرال بلال وعدد من رجال الأعمال من بينهم خيتي وطاهر، وصنفت خضر طاهر على أنه وسيط للفرقة الرابعة التي "تدر أعمالها إيرادات لكل من النظام وأنصاره"ويعتبر نوح زعيتر، تاجر المخدرات اللبناني الذي يعيش في سوريا، همزة الوصل بين الجانبين اللبناني والسوري. وقال زعيتر إن عمله يقتصر على الحشيش فقط ونفى أي مشاركة له في تجارة الكبتاغون، مؤكدا: "لم ولن أرسل مثل هذه السموم إلى السعودية أو أي مكان آخر، حتى أسوأ عدو لي، لن أقدم له الكبتاغون".
الأردن بوابة المهربين
يعاني الأردن معاناة شديدة كأول بوابة للمهربين من أجل الوصول إلى سوق الخليج، من ناحية، ومن دخول المخدرات إلى السوق الأردنية من ناحية أخرى، وحرس الحدود في يقظة دائمة بعد اكتشاف عمليات تهريب كبيرة وقامت باشتباكات مسلحة مع المهربين أدت إلى مقتل وإصابة العشرات من المهربين، وثلاثة عناصر من الجيش الأردني. اللواء أحمد السرحان، قائد إحدى الوحدات العسكرية التي تتمركز على طول الحدود الأردنية مع سوريا، صرح: "الأردن بوابة الخليج المهربون يعلقون المخدرات على طائرات مسيرة تحلق فوق الحدود، أو يقومون بتحميلها على ظهور الحمير المدربة على العبور بنفسها، وأحيانًا يمرّ المهربون بنقاط تفتيش الجيش السوري قبل الاقتراب من الحدود في علامة واضحة على تواطئهم. والأمر الأكثر إثارة للقلق للسلطات الاردنية هو ارتفاع كمية الميثامفيتامين الكريستالي وهو ما يشكل تهديدًا أكبر. وما يثير الدهشة أن الأردن سعى لإعادة علاقاته مع الأسد، ففي الوقت الذي تقوم فيه بتنفيذ مشروع خط الكهرباء الواصل إلى لبنان عبر الأراضي السورية، والذي ستستفيد منه سوريا، التي تعاني من انقطاع الكهرباء، بنسبة 8 بالمئة من أصل 250 ميغاواط، يواظب نظام الأسد على إغراق الأردن بسموم المخدرات، وخوفا من أن يعيد الأردن حساباته، قام سفير روسيا في عمان بطمأنة السلطات الأردنية بأن روسيا ستؤمن استقرار وأمن الجنوب في سورية، ويعلم الروس أنه من الصعوبة بمكان أن تنجح روسيا في وقف تجارة المخدرات. فزعيم مافيات المخدرات في سورية وإن وعد أو أظهر لهم بأنه لا يوجد مصانع مخدرات في سورية، كما زعم سابقا بأنه لا يوجد مصانع للأسلحة الكيمائية، خاصة وأن الاقتصاد السوري المنهار ليس له بديل إنتاجي آخر، وعائدات خط الكهرباء الأردني لن تفي بمتطلبات النظام من العملة الصعبة. فسورية التي حولتها عائلة الأسد إلى "جملكية موز" لن تعود إلى سورية ما قبل نصف قرن من حكم هذه العائلة التي دمرتها وقتلت شعبها وجوعته، وجعلت سمعتها في الحضيض عالميا.