لا يمر أسبوع إلا وتنشر الوكالات أخبارا عن إلقاء القبض على عصابات تهريب مخدرات، أو مصادرة شحنات كبيرة من مختلف أصناف المخدرات وخاصة الكبتاغون التي تنتجها مصانع الأسد التي انتشرت، كأجهزة المخابرات والسجون والمعتقلات في سورية. حتى أن الصحف العالمية بدأت تتحدث عنها وكان آخرها ما أورته صحيفة لوموند الفرنسية التي قالت تحت عنوان: " الأسد يتزعم تجارة الكبتاغون في الشرق الأوسط": أن الرئيس السوري بشار الأسد طوّر الإنتاج الصناعي لمخدر الكبتاغون في سوريا، من أجل الالتفاف على العقوبات الدولية وترسيخ شبكات الولاء له، وأصبح ثنيه عن متابعة أو حتى تحجيم مثل هذه التجارة المربحة أمرا غاية في الصعوبة..
وتتابع" بشار الأسد لم يكتف بالجرائم ضد الإنسانية، وجرائم الحرب والمجازر المنظمة، والاغتصاب الممنهج وحملات الاختفاء القسري، وطرد مجموعات سكانية بأكملها، وغيرها من الجرائم المنسوبة إليه؛ فأضاف إليها الآن -اقتناعا منه بإفلاته من العقاب- جريمة الإنتاج الضخم والتسويق العدواني للمخدرات، حتى أصبحت الأراضي السورية الخاضعة لسيطرته منطقة الإنتاج الرئيسية للكبتاغون".
وفي الواقع من تتبع خيوط تجارة المخدرات للعائلة الأسدية يجد أن زعيم كارتيل المخدرات في الشرق الأوسط بشار الأسد قد ورث المهنة عن أبيه حافظ كما تقول الصحيفة:" أن الرئيس الراحل حافظ الأسد عندما أرسل جيشه لاحتلال جزء كبير من لبنان عام 1976، لم يضيع الوقت وأخذ ضريبته على الحشيش المزدهر في سهل البقاع اللبناني، ثم شجع على تنمية زراعة الخشخاش هناك، قبل أن ينشئ مختبرات لتحويل الأفيون المنتج محليا إلى هيروين تحت سيطرة الجيش السوري المحتل، وأنشأ أباطرة نظام الأسد الذين يديرون هذه التجارة المربحة عصابات في سوريا يسمونهم "الشبيحة"
لقد أصبحت تجارة المخدرات على مستوى دولة ورئيس دولة حول سورية إلى "جمليكة موز" وباتت دول الخليج والأردن تخشى عمليات التهريب المتكررة والمواجهات المسلحة مع المهربين الذين لم تعييهم الحيل في إخفاء بضائعهم القاتلة في الفواكه كالرمان والبرتقال والليمون، وآخر ابتكار تفتق عن ذهنيتهم الجهنمية إخفاؤها في صناديق الشاي التي قامت السلطات اللبنانية باحتجازها في عرض البحر وكانت موجهة للملكة العربية السعودية. هذا الوضع الذي بات مقلقا وخاصة للأردن التي تسعى لإعادة علاقاتها مع الأسد دفع سفير روسيا (الراعية والداعمة له، ومن يدعم مجرما يشارك في إجرامه) في عمان، أن يعد السلطات الأردنية بأن روسيا ستؤمن استقرار وأمن الجنوب في سورية، فهل هذا يعني أن روسيا ستطلب من زعيم تجارة المخدرات السوري أن يوقف تصنيع وتهريب المخدرات، وإغلاق مصانعها؟ من الصعوبة بمكان أن تنجح روسيا ولو كانت جادة فعليا، إذ لم تنجح كل دول جنوب أمريكا المنتجة للكوكائين من ثني كارتيلات مافيات المخدرات عن ممارسة تجاراتها. فزعيم مافيات المخدرات في سورية وإن وعد أو أظهر لهم بأنه لا يوجد مصانع مخدرات في سورية، كما زعم سابقا بأنه لا يوجد مصانع للأسلحة الكيمائية، فإن المدمن على المخدرات أو صناعتها وتجارتها من الصعب الشفاء منه، خاصة وأن الاقتصاد السوري بات يعتمد عليها كثيرا لتمويل حملات الاعتقال، والجيش الذي يقوم بقصف يومي على القرى والبلدات التي تقع تحت سيطرة المعارضة، ودفع رواتب "الشبيحة"، فسورية التي حولتها عائلة الأسد إلى "جملكية موز" لن تعود إلى سورية ما قبل نصف قرن من حكم هذه العائلة التي دمرتها وقتلت شعبها وجوعته، وجعلت سمعتها في الحضيض عالميا، إلا ببناء دولة المؤسسات والديمقراطية .