كان العثمانيون يقولون:" سعيد من له مرقد عنز في لبنان "، فلبنان كان واجهة سوريا المنيرة على البحر المتوسط قبل اقتطاعه وإنشاء دولة لبنان من قبل فرنسا في عهد الانتداب، التي باتت دولة مستقلة منذ العام 1943. لكن إنشاء هذه الدولة على أساس طائفي حسب الميثاق الذي تمت صياغته "طوف" المناصب حسب الانتماء الطائفي كي يفسح المجال لموارنة لبنان بالسيطرة السياسية والاقتصادية في البلد، وقد شهد لبنان منذ ذلك التاريخ حروبا داخلية جعلت منه مثالا للتناحر الطائفي: ( حرب 1958، والحرب الأهلية 1975)، وجاء مؤتمر الطائف ليعدل قليلا من الميثاق لكنه لم يعدل من عقلية السياسة الطائفية، وتمترس كل طائفة خلف مكتسباتها ومطالبها. لكن أبرز تطور وقع في لبنان خلال حربه الأهلية هو التدخل الخارجي في شؤونه والذي بدأ بسيطرة الجيش السوري على كل مرافق الحياة في لبنان، ثم ظهور الميليشيات الموالية لإيران بعد ثورة الملالي المدعومة من قبل نظام حافظ الأسد: حركة أمل التي يتزعمها نبيه بري، وحزب الله التي يتزعمها حسن نصر الله. وميليشيا القوات اللبنانية التابعة لشق من الموارنة التي يتزعمها سمير جعجع. والكتائب التي تتزعمها عائلة الجميل. وقامت هذه الميليشيات بمجازر لا تعد ولا تحصى بحق الفلسطينيين واللبنانيين أنفسهم خلال الحرب الأهلية، والاغتيالات السياسية حتى بعد أن انتهت الحرب التي لم تنه التناحر الطائفي، ومحاولات السيطرة على لبنان من قبل مليشيات لها أجندات خارجية. وجاء قرار مجلس الأمن 1559 لينهي الوجود السوري في لبنان، لكنه لم ينه النفوذ الإيراني المتعاظم عبر ذراعه حزب الله الذي بات دولة ضمن الدولة. وقد تبين جليا أن هذه الميليشيا أنشئت لتنفيذ سياسات طهران في الشرق الأوسط عندما اندلعت الثورة السورية وقام ولاية الفقيه علي خامنئي بأمر حزب الله بالتدخل في سورية لصالح النظام المنهار وضد الشعب السوري الثائر لحريته وكرامته، وقد ارتكبت هذه الميليشيا المأجورة أبشع المجازر قي سورية مع بقية الميليشيات الطائفية التي أرسلها ساسة طهران. وتطور أمر هذه الميليشيا داخليا في لبنان فباتت تعطل الحكومات، وتسيطر على كل مفاصل الدولة، وتعطل القضاء الذي حاول مؤخرا التقصي في قضية اغتيال الشيخ رفيق الحريري، ثم في انفجار مرفأ بيروت الذي هز لبنان كاملا. اليوم يعاني لبنان من أكبر الأزمات الاقتصادية بعد تدهور سعر الليرة، وفقدان المواد الأساسية التموينية، والمحروقات، والكهرباء، والدواء، ومن تعطيل الحكومة التي باتت رهينة حزب الله الذي تحول إلى تاجر مخدرات، ويقوم بتسميم علاقات لبنان مع الدول الخليجية التي تعتبر الرئة التي يتنفس منها اللبنانيون، وانتشار الفوضى حتى صارت قوى الأمن لا تسيطر حتى على محطة كهرباء قام مجهولون بتخريبها فساد الظلام في كل مكان، هذه العوامل تنذر جميعها بشرارة خطيرة قد تتسبب في اندلاع حرب أهلية لا تبقي ولا تذر، لينتقل لبنان من النور إلى الظلمات، ولن يعد عثماني واحد أو غير عثماني يتمنى أن يكون له مرقد عنز في لبنان حزب الله