أتحفنا الصحفوف جعفر أحمد، المشهور بتأييده الشديد للنظام، محاولا تبرير انقطاع الكهرباء في سورية 22 ساعة في اليوم بالقول: إن “الكهرباء اختراع حديث نسبياً، وأن البشرية عاشت آلاف السنين دون كهرباء، وأن هارون الرشيد، وشارلمان، وزنوبيا، وجميع ملوك بيزنطة، وفارس، وحتى النعمان بن المنذر لم يكن لديهم كهرباء، وأكثر من ذلك، امرؤ القيس، زهير بن أبي سلمى، جرير، الفرزدق، والزير سالم عاشوا من دون كهرباء”.
هذه المعلومة القيمة التي لمعت في رأس هذا الصحفوف تستحق أن تصنف كسبق صحفي باكتشاف معلومة تاريخية لم يعلم بها إلا هو، ويدعو السوريين ليقتدوا بأسلافهم الذين كانوا يعيشون على الأسرجة والفوانيس، فالكهرباء ترف عصري. ولا نحتاجه، فأسرجتنا وفوانيسنا يمكن أن نضيئها بزيت الزيتون كما كان يفعل أبو ليلى المهلهل، وأبي سلمى، وكل أجهزتنا التي تعمل على الكهرباء نتوقف عن استخدامها، فلا مذياع، ولا تلفزيون، ولا هاتف محمول، ولا انترنيت. وفي ظلام دمشق الدامس نعود إلى الدومري..
هذا الصحفوف أتحفنا بهذا الاكتشاف غير المسبوق، في الوقت الذي تحضر فيه الناسا جيمس ويب" للانطلاق إلى الفضاء والاستقرار في مداره، في حدث ينتظره علماء الفلك منذ ثلاثين سنة. ومن أهدافه سبر أغوار ما يُعرف بـ"الفجر الكوني" عندما بدأت أولى المجرّات تضيء الكون قبل مليار سنة.
توماس أديسون مخترع الضوء الكهربائي الذي أنار العالم أجمع بعلمه واختراعه، واعتبره أينشتاين أعظم اختراع عرفه الانسان، كان قد أخفق عدة مرات في تجاربه للوصول إلى المصباح الكهربائي لأنه لم يفرغه من الهواء. وذات يوم قالت له زوجته رأسك الفارغ لا يمكن أن ينجز هذا الاختراع فتفطن لكلمة الفارغ، فأفرغ المصباح من الهواء فأضاء. الصحفوف ذو الرأس الفارغ يريدنا أن نعيش بلا ضوء كهربائي ونعود بالزمن إلى الوراء ألفي عام فقط لأن رئيسه حرم الناس من الخبز، والمأوى، والضوء.
عاش جرير الذي كان يعيش على ضوء سراج لكن رأسه كان مليئا
سَرَتِ الهُمومُ فَبِتنَ غَيرَ نِيامِ وَأَخو الهُمومِ يَرومُ كُلَّ مَرام
ذُمَّ المَنازِلَ بَعدَ مَنزِلَةِ اللِوى وَالعَيشَ بَعدَ أُلائِكَ الأَقوامِ