بعد أن تخلى الجميع عن السوريين الذين قاموا بثورتهم لوضع حد لظلم وتعسف وإجرام نظام العائلة الأسدية بحقهم، كان شعارهم:" يا الله ما لنا غيرك يا الله". واليوم وبعد عقد من ملحمة الثورة السورية تتجلى لكل عين بصيرة أن من كان في صف الثورة بالأمس قد تخلى عنها وصار يميل للعودة إلى أحضان نظام كان يصفه بمجرم الحرب، وضد الإنسانية. وريث "الجملكية" الأسدية الذي لم يتوان عن قتل وتعذيب، وتشريد الملايين، وتدمير البلد، لم يتوان أيضا عن إدخال المحتلين الجدد إلى سورية الجريحة. من روس، وفرس، وميليشياتهم لتوغل أكثر في الدم السوري.
لقد بات الشعب السوري اليوم على قناعة تامة بأن لم يعد له سوى الله نصيرا. فدول أصدقاء سورية قد خدعته، وعلى رأس القائمة الدول العربية التي كانت بدورها تمول ميليشيات وتسلحها لغاية تخدم مصالحها في حال سقوط النظام، بل أنها استخدمتها أيضا لتقوم بحرب بالوكالة ضد دول أخرى تعاديها، فبدل أن تتفق هذه الميليشيات في توحيد الهدف في إسقاط النظام، وكان بمقدورها فعل ذلك، راحت تقتل فيما بينها، وكان النظام الرابح الأكبر من اقتتال" الأخوة الأعداء". وأدخل النظام سوس التطرف في الثورة السورية لينخرها ويظهرها بمظهر " ثورة الأرهابيين" ليبرر قمعها من ناحية، وترهيب الدول التي تقف إلى جانبها، وخاصة الدول الأوربية. والغريب في الأمر أن نظام الإجرام عاد ليحتل كرسيه في منظمات دولية كالأنتربول، ومجلس حقوق الانسان، وقريبا في الجامعة العربية. فكيف لمثل هذه المنظمات أن تقبل نظاما لم يحترم يوما حقوق الأنسان، ونظاما مجرما في منظمة تطارد المجرمين، أو في جامعة كانت بالأمس قد طردته منها؟ ما الذي طرأ على هذا النظام من تغيير الذي مازال يعذب مئات الآلاف من المعتقلين في سجونه، ويستمر في قصف المدن والقرى مع حليفيه المحتلين الروس والفرس؟ حتى الإدارة الأمريكية التي فرضت عليه عقوبات قانون " قيصر" بدأت تتراخى في تطبيقها، وتتعامى على جرائمه، وهي العالمة بكل شاردة ووارده على الأرض السورية بتواجد قواتها، ومخابراتها فيها...في هذا العالم الذي لا يعطي اعتبارا لزهق أرواح الأطفال بالأسلحة الكيميائية المحرمة والتي اعتبرتها الإدارات الأمريكية خطا أحمر، وقتل عشرات الألاف تحت التعذيب، التي ترى كل منظمات العالم الإنسانية أنها جرائم ضد الإنسانية، الشعب السوري الذي لم يعد يصدق مثاليات الغرب الكاذبة، ولا خداع الدول العربية، ولا المنظمات الدولية وأدبياتها البراقة، يتوجه إلى المولى عز وجل ليقول: " ما لنا غيرك يا الله"