صحيح أنه ابن عاهرة، لكنه حليفنا!

الصفحة من الكتاب المدرسي المثيرة  للجدل
الصفحة من الكتاب المدرسي المثيرة للجدل


يحكى أن صحفياً قال للرئيس الأمريكي الأسبق – فرانكلين روزفِلت:

- أنت لا تكفّ عن إدانة القمع، الذي يُمارسه ستالين على الشعب السوفييتي، فلماذا لا تنتقد ممارساتِ ابن العاهرة – أناستاسيو سوموسا (رئيس نيكاراغوا)؟

فأجاب روزفِلت: صحيح أن سوموسا ابن عاهرة، لكنه حليفنا!!!

هذه العبارة، تمثل تجسيداً للنفاق والانتقائية، وهما خصلتان ما انفك جمهورُ الثورة السورية يعاني الأمرين من تبعاتهما، ولهذا فإنه من غير المقبول أن يمارس أيَّ قدرٍ منهما. لكننا، رغم ذلك، نلاحظ كيف تمارِس شرائحُ معينة النفاقَ والانتقائية للتستر على جريمة، أو خطيئة ارتكبها شخصٌ ينتمي فكرياً أو مهنياً أو قَبَليّاً إليها. وإليكم الأمثلة التالية:

- في إطار مجموعة من مجموعات الـ"واتس أب" ذكر أحدُهم بسوءٍ دولةً خليجية ما، لأنها مَوّلتْ فصيلاً مسلحاً ما، وصادرت قرارَه... أيّد آخرٌ ذلك الطرح، وأضاف دولة خليجيةً أخرى تصرفت نفس التصرف، وإذا بالمتحدث الأول يحاول لَفْلَفَة الموضوع قائلاً: يا إخوتي دعونا من هذا، فليس من مصلحة ثورتنا استعداء إخوتنا العرب!

- اعتُقل في ألمانيا ضابط مخابرات بتهمة التعذيب والاغتصاب والقتل تحت التعذيب، فعبّر البعض عن سعادتهم بقرب تحقيق العدالة للمظلومين، لكن عسكريين من رتب عالية، شَنّوا حملةَ جمعِ تواقيع للمطالبة بالإفراج عنه، بدعوى أن ذلك الضابط اعتقل لأنه سـنيّ!

- نشرت عضوةٌ في أحد الاتحادات المهنية "الثورية" منشوراً مشبعاً بالكراهية، والفوقية، والتفرقة الطبقية، إضافة إلى تخوين ثلثي الحاضنة الشعبية للثورة... وصادف أنّ هذا الاتحاد المهني يعاني من انقسام بسبب مشاكل داخلية صرفة... ومن المدهش أنّ من يجعجون بالثورية والمبدأية بلعوا ألسنتهم، لأن المذنبة حليفتُهم.

- انتشرت في الآونة الأخيرة صفحاتٌ من مقرر مدرسي في "المناطق المحررة"، تشتمل على صور لأشخاص ليس فقط معاصرين، بل وأقرب إلى الأوربيين، استُخدمت لتعريف التلاميذَ كيف تزوج النبي محمد صلى الله عليه وسلم بالسيدة خديجة، وكيف كان يحب ابنته فاطمة، وما إلى ذلك. اجتاحت موجة من الغضب "المناطق المحررة" استنكاراً لتجسيد النبي صلى الله عليه وسلم. ولما كان الشخص المسؤول عن ذلك المقرر ينتمي إلى فئة ذات توجه إسلامي، هبَّ إخوته في المنهج يبررون فعلته بأعذار ما أنزل الله بها من سلطان.

أما الفضيحة الأخلاقية الكبرى، فتمثلت بالموقف التالي:

استغل "أحدهم" موجة الغضب تلك، فنشر صفحةً من مقرّر مدرسي، يُسمّي البرزخَ المائي الذي يفصل الجزيرة العربية عن إيران بـ"الخليج" الفارسي. تعالت أصوات الرفض والاحتجاج على ذلك، فراح أبناء الفئة سالفة الذكر يبررون هذا الفعل المنكر، ظناً منهم أن "أخاهم ذاك" هو المستهدف بالنقد.. ليتَبيّن لاحقاً أنّ ذلك الـ"أحدهم" تقصّد دسّ تلك الصفحة الجغرافية، ليؤكد أن الغالبية لا تدافع عن "فكرة" ولا عن "مبدأ" ولا عن "قيم"، بل عن "الشخص" الذي ينتمي لها. فالمؤيدون والشبيحة يستمرون في تأييد العصابة الأسدية رغم أنهم يرون بأم أعينهم كيف أنها دمرت البشر والحجر والشجر.

لقد صدق من قال:

إذا جاريْتَ في خُلُقٍ دنيئاً…فأنت ومن تُجاريه سواء