لقد جاءت الرسالة المحمدية لهداية الناس، وحثها على التسامح، ومكارم الأخلاق. ونبذ التفرقة، والاعتصام لحبل الله جميعا. فالإسلام دين محبة، والدين لله، والوطن للجميع.
لقد ظهرت في الآونة الآخيرة، ومنذ أن استدعى وريث النظام السوري الميليشيات الإيرانية، ظاهرة من شأنها تأجيج خطاب الكراهية، والعنصرية، والطائفية، تجلت في فيديوهات مصورة لمجموعات من الطائفة الشيعية يدخلون إلى المسجد الأموي ليمارسوا شعائر دينية تخص الشيعة دون غيرهم، وفي الأسواق الشعبية، أو أن يأتي معمم إلى قبر معاوية بن أبي سفيان ويشتمه، وتتناول وسائل الاتصال الاجتماعي هذه الفيديوهات وتتناقلها بتعليقات متباينة تصل إلى حد القدح والذم والتشهير. وزاد في الطين بلة، إلغاء منصب المفتي العام للجمهورية من قبل بشار الأسد، ما أثار حفيظة المسلمين السنة، فماذا ستكون ردة فعل المسيحيين مثلا لو ألغي منصب البطرك؟. هذه الظاهرة اللاأخلاقية والتي لا تنم إلا عن حقد طائفي دفين يعود مئات القرون في حدث تاريخي، إما بما يتعلق بسقيفة بني ساعدة، أو بجريمة مقتل الحسين. ومهما يكن من أمر الروايات التاريخية حول مقتله، فلا يمكن أن يتحمل المسلمون السنة وزر الجريمة، مع أن الذي حز رأس الحسين ( شمر بن ذي الجوشن) كان من شيعة علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وقد نال عقابه بحز رأسه أيضا من قبل القائد الأموي المختار بن أبي عبيد. لقد تعايش شيعة العرب وسنيها بوئام، وباحترام متبادل، في البلاد العربية عامة، وسورية خاصة، فالشيعة، والعلويون ( النصيريون)، والاسماعيليون، والدروز، والمسيحيون، والكرد، والشركس، والتركمان،.. عاشوا بسلام مع الأكثرية السنية وحمايتها. ويكفي التذكير بأن المسجد الأموي يحوي مقامين دفن فيهما رأس الحسين، ورأس يوحنا المعمدان، وهما مقدسان لدى المسلمين السنة، ويقولون ( سيدنا الحسين، وسيدنا يحيى )، كما أن مسلمي السنة يحيون ذكرى عاشوراء ويدينون مقتل سيد الشهداء الحسين. أما الخلفاء الراشدون، فالخليفة عمر بن الخطاب كان أول من سن قانون احترام الطوائف غير المسلمة في العهدة العمرية، ورفض الصلاة في كنيسة القيامة كي لا يتخذها المسلمون من بعده كمسجد للصلاة، وقد أثبت المسلمون في سورية تآخيهم مع كل الطوائف، فكان هناك رؤساء دولة، ورؤساء وزراء، ورؤساء برلمان، وقادة جيش، من كل الطوائف، والأعراق، حتى أن رئيس الوزراء فارس الخوري جمع بين رئاسة الوزراء، وزارة الشؤون الإسلامية وبأصوات حزب الإخوان المسلمين في البرلمان. إننا ندين أي فعل مهما كانت صفته من شأنه تأجيج الحقد الطائفي، والتناحر العرقي، إننا نؤمن، وحسب ما جاء في كل أدبيات الثورة السورية ضد حكم الجملكية الأسدية، بالمساواة في الحقوق والواجبات بين كل الطوائف، والأعراق، وأن سورية هي بلد التسامح، والتعددية الدينية، والطائفية، والسياسية، ونعمل على بناء دولة المؤسسات، والديمقراطية وحرية الرأي والتعبير، والمواطنة.