يوم 30 أيلول/سبتمبر 2015 يعتبر يوما فاصلا في مسار الثورة السورية، فهذا اليوم دخلت فيه روسيا كحليف لإنقاذ وريث نظام صديقها القديم من السقوط الذي كان قاب قوسين أو أدنى. روسيا القيصرية التي كانت تحلم بأن تغطس قدما في مياه بحر المتوسط الدافئة منذ بطرس الأول تحققت أمنيتها دون عناء يذكر، فقد جاءها وريث السلطة بشار الأسد ليقدم سورية على طبق من فضة لبوتين مقابل أن يحافظ على نظامه المتهالك، بالطبع بوتين التي جاءه طلب المهزوم " كشحمة على فطيرة" لم يتردد في الموافقة على الطلب بشروط روسية وليس سورية لأنه لا يحق لمتسول الدعم أن يضع شروطا، والغريق لا يطالب منقذه بتنفيذ شروط وفي فمه ماء. فدخل الروسي بشروطه وهي: توسيع قاعدة طرطوس البحرية، وبناء قاعدة حميميم العسكرية، وقواعد أخرى متفرقة، وعدم التعرض لضباط وجنود الروس المنتشرين في أنحاء سورية، وعدم تلقي أوامر من قيادة جيش النظام لأي عملية يقوم بها الجيش الروسي. منذ ذلك الوقت حول الروس الأراضي السورية إلى حقل تجارب لأسلحتهم، وذخائرهم، وباعتراف وزير الدفاع سيرغي شويغو فإن روسيا جربت 200 سلاح جديد في سورية، وعلى الأراضي السورية تدرب معظم قادة الجيش الروسي على أسلحتهم الجديدة، وباتت سورية محمية روسية دون صك انتداب. وصار جيش النظام الأسدي " الممانع "رهينة الجيش الروسي. ومن تاريخ انتهاك الأراضي السورية، لم يتوقف انتهاك إسرائيل للأجواء السورية وقصف أهدافها على مرأى الروس ومسمعهم دون أن يحركوا ساكنا. كان المتضرر الأكبر من هذا التدخل السافر في الشأن السوري هو الشعب السوري الذي دفع فاتورة تدرب الروس على أسلحتهم باللحم السوري فأسفرت عن مقتل ما ينوف عن عشرة آلاف مدني بينهم 2000 طفل وحوالي 1500 امرأة جراء الضربات الجوية العشواء التي قتلت من المدنيين أكثر بكثير من عناصر المعارضة المسلحة التي يصفها الروس بالإرهابية. إن تجارب الأسلحة الروسية في الحقل السوري هي مقدمة تحضير لمواجهة محتملة مع حلف شمال الأطلسي، خاصة وأن حدة التوتر تتصاعد يوما بعد يوم بين الجانبين منذ أن احتل الروس جزيرة القرم، وتصاعدت لهجة التهديدات مؤخرا بعد تجربة الروس لصارخ مدمر للأقمار الصناعية، التي صرح وزير الدفاع البريطاني على إثرها أن على الغرب التحضير لمواجهة مع روسيا لأنها تشكل التهديد الأول. ونددت الولايات المتحدة والحلف الأطلسي بالتجربة الصاروخية الروسية واعتبرت أنها بداية خطيرة، وقامت بمناورات بحرية في البحر الأسود، التي أثارت حفيظة موسكو. ويتضح أن روسيا البوتينية تتجه نحو التصعيد والتغلغل في مناطق نفوذ الغرب وخاصة في إفريقيا عن طريق مرتزقة ميليشيا فاغنر، وبالمختصر فإن حربا باردة جديدة تعلن بين الغرب وروسيا وحلفاء روسيا الهند والصين. وبشكل غير مباشر ربما ستكون سورية مسرحا لأي مواجهة محتملة بين روسيا والغرب المتوجس كونها تضم قواعد روسية وخاصة حميميم وطرطوس التي تشكل تهديدا في البحر المتوسط.