نظامان جمع بينهما العَرَج

ألِكساندر لوكاشينكو والاسد
ألِكساندر لوكاشينكو والاسد


في آب/أغسطس 2020، جرت في جمهورية بيلوروس انتخاباتٌ رئاسية، لإضفاء الشرعية على استمرار ألِكساندر لوكاشينكو في السلطة 5 سنوات أخرى، تضاف إلى سنواتِ حكمه المتواصل منذ عام 1994.

قبيل الانتخابات، تمكنت المعارضات من توحيد صفوفها، ودفعت بمرشحةٍ واحدة في مواجهة لوكاشينكو؛ هي سفيتلانا تيخانوفسكايا.

أكدت نتائج استطلاعات الـ"exit poll" (الاستفسار من الناخبين فور خروجهم من مراكز التصويت) أنّ تيخانوفسكايا، فازت بأغلبية أصوات الناخبين، إلا أنّ لجنة الانتخابات أعلنت فوز لوكاشينكو بأكثر من 80 % من الأصوات.

خرجت في مختلف مدن البلاد مظاهراتٌ حاشدة مطالبة بإسقاط لوكاشينكو، جوبهت بعنف شديد من قبل الأجهزة الأمنية، الأمر الذي اضطر قادة المعارضة، وغالبية نشطائها للفرار من البلاد. على خلفية قمع المظاهرات السلمية، واعتقال المعارضين، فرض "الغرب" (الاتحاد الأوربي والولايات المتحدة وكندا" عقوبات على عدد كبير من ممثلي نظام لوكاشينكو، إضافة إلى عدم الاعتراف بنتائج الانتخابات.

في أيّار/مايو الماضي، كان الصحفي البيلوروسي المعارض - رومان بروتاسيفيتش، متوجهاً من اليونان إلى ليتوانيا. وعندما كانت طائرته في أجواء بيلوروس، نصحتْ سلطةُ الطيران المدني البيلوروسية قائدَ الطائرة بالهبوط في أقرب مطار، مدّعية تلقيها معلومات تؤكد أن تنظيماً إرهابياً زرع في الطائرة عبوة ناسفة... وهذا ما حدث... وما إن هبطت الطائرة حتى ألقت الأجهزة الأمنية القبض على بروتاسيفيتش.

اتخذ "الغرب" موقفاً متشدداً جداً حيال ما أسماها بـ"قرصنة"، فمنع كل شركات الطيران التابعة له، وكل المطارات، من التعاون أو التعامل مع المؤسسات النظيرة في بيلوروس، بما في ذلك – استخدام مطاراتها، وعبور أجوائها... هذا بالإضافة إلى عقوبات اقتصادية وسياسية صارمة.

بحث لوكاشينكو عن طريقة يمكنه استعمالها لإزعاج "الغرب" فوجد ضالته في اللاجئين.

بعدما أغلِقت مطارتُ "الغرب" في وجه شركة الطيران البيلوروسية "بيل آفيا"، توجهت الأخيرة نحو الشرق، فزادت من عدد رحلاتها إلى الوجهات القديمة، وافتتحت وجهات جديدة. وبالتوازي مع ذلك، أوعزت السلطات البيلوروسية لقنصلياتها في سوريا والعراق وإيران ولبنان وأفغانستان، وغيرها من الدول الإشكالية، لتسهيل منح مواطني تلك الدول "تأشيرات عبور" (ترانزيت). فتدفقت أعدادٌ كبيرة من البشر الذين يحلمون بالخروج من أوطانهم، التي حوّلتْها سلطاتُها إلى جحيم.

ومن إن تطأ أقدام اللاجئين أرض بيلوروس حتى تقتداهم السلطات هناك إلى حدود الاتحاد الأوروبي في بولندا أو ليتوانيا، ليقعوا فريسةً لمافيات التهريب والابتزاز.

تنبهت سلطات ليتوانيا وبولندا إلى مكيدة بيلوروس، فاتخذت تدابير عاجلة وفاعلة لتحصين الحدود، وبهذا بقي آلاف الحالمين المساكين في العراء في ظروف البرد الأورُبيّ القارس، وانعدام أي سبيل من سبل الحياة الإنسانية...

رغم أننا – في "السوري اليوم" - نعتبر كل إنسانٍ أخاً لنا في الإنسانية، إلا أن مصالح السوريين ومشاكلهم هي مركز اهتمامنا؛ وفي هذا السياق، نستطيع أن نتلمس تواطؤاً بين نظام بشار الأسد ونظام ألِكساندر لوكاشينكو. حيث كثف نظام "الأول" من وتيرة إصدار جوازات السفر، فيما كثف نظام "الثاني" من وتيرة منح "تأشيرات العبور"، ومن وتيرة رحلات شركة طيرانه. لقد جمعت بين هذين النظامين المنبوذين الرغبة في الانتقام من "الغرب" الذي يؤيد حق الشعوب في الحرية والديموقراطية والعيش الكريم.