انفصام الشخصية أم انفصام الضمير

نفصام الشخصية أم انفصام الضمير
نفصام الشخصية أم انفصام الضمير


بدايةً، أود أن أؤكد أن مصلحة سوريا - شعباً وأرضاً، هي بوصلتنا الأولى والأخيرة في "السوري اليوم"! وبناء على هذا الأساس، لسنا معنيين في الدفاع عن أي شخصية أو تجمع أو دولة، كما أننا لسنا في وارد التهجّم على أي شخصية أو تجمع أو دولة؛ إلا إذا كان الأمر يمسّ الشأن السوري...

وبالانتقال إلى تصريحات جورج قرداحي، التي أقامت الرأي العام العربي ولم تقعده بعد:

من الصعب تصديق أن قرداحي، الذي يعمل في الإعلام منذ عدة عقود، لا يعرف كيف اندلعت الحربُ في اليمن، ولا يعرف من الذي دفع الحوثيين وأمدّهم بالمال والسلاح والخبراء لاجتياح صنعاء (في أيلول/سبتمبر 2014) لإسقاط السلطة الشرعية بدءً بالرئيس - عبد ربه منصور هادي، وليس انتهاء بـ"حكومة الوفاق الوطني"، برئاسة محمد سالم باسندوة.

ومن الصعب جداً تصديق أن جورج قرداحي لا يعرف الجهة التي لا تزال تمدّ الحوثيين بمختلف أنواع الأسلحة، ولا يعرف الهدفَ الذي تتوخاه تلك "الجهة" من ذلك، رغم التصريحات المتكررة التي صدرت عن مسؤولين كبار في القيادة الإيرانية، يعبّرون فيها نشوَتهم بالسيطرة على أربع عواصم عربية (صنعاء، بغداد، دمشق، بيروت).

وعلى المقلب الآخر، من المستحيل تصديق أن جورج قرداحي لا يعرف كيف نكّل نظام بشار الأسد بأطفال درعا، لا لشيء إلا لأنهم كتبوا على عدد من الجدران "إجاك الدور يا دكتور". ومن الصعب جداً تصديق أن قرداحي، يصدّق أن الغالبية الساحقة من السوريين – متطرفون تكفيريون.

ومن الصعب جداً جداً تصديق أن قرداحي لا يعلم أن عدد ضحايا الحرب الذي يشنها نظام بشار الأسد على السوريين، يساوي عشرات أضعاف ضحايا الحرب في اليمن، وأن الدمار الذي أحدثته وتحدثه الحرب التي يشنها نظام بشار الأسد على السوريين، يساوي مئات أضعاف الدمار الذي أحدثته وتحدثه الحرب في اليمن.

في نفس ذلك الاستجواب البرلماني، ألمح قرداحي إلى أن بشار الأسد وجد نفسه مضطراً للقتل والتدمير لأنه يواجه تكفيريين جهاديين جاؤوا من عشرات الدول... هؤلاء الجهاديون قَدِموا فعلاً، لكن دون دعوة أو استئذان من أحد. ولكن،،، لماذا لم ينبس القرداحي ببنت شفة عن مئات آلاف الجهاديين الشيعة، الذين استقدمهم بشار من مختلف الدول، وراحوا يُقتّلون السوريين ثأراً للحسين؟

ومن المفارقة؛

أن القرداحي يتباكى على اليمنيين ولا يشعر بأي أسف على السوريين، رغم أن ضحايا الحربين عرب سنّة!

وأن القرداحي يدعو من يشن الحرب على "اليمنيين" إلى التوقف فوراً، فيما يَعتبر من يشن الحرب على السوريين "شخصية العام" (يعني الشخصة الأكثر جدارة بالاحترام على مستوى العالم).

أما المفارقة الفاقعة، فتتجسد في المواقف التي اتخذها الكثير من اليساريين العرب إزاء هذه الأزمة. فقد تبين أن علمانية هؤلاء تتلخص في معادة الإسلام السني فقط.

هذا ليس انفصاماً في الشخصية، إنه انفصام في الضمير!