يوم أمس، وبينما كنت أشاهد أول نشرة أخبار صباحية متلفزة، فوجئت بخبر "قدوم" بشار الأسد إلى موسكو.
القواعدُ البروتوكولية المعروفةُ عالمياً، تصنِّف زيارات رؤساء الدول إلى:
زيارة دولة،
زيارة عمل،
زيارة خاصة.
لكلٍّ من هذه الزيارات برنامجها، وطقوسها، ومميزاتها. أما "حضور" بشار إلى موسكو فلا يمكن أن يندرج تحت أيٍّ من التصنيفات الثلاثة؛ إذ لم يتم الإعلان عن ذلك "اللقاء" إلا بعد أن عاد بشار إلى مقر إقامته الدائم، وكان واضحاً أن الاجتماع لم يتم في الكريملين، بل في إحدى الاستراحات، وبدون علميّ الدولتين، إضافة إلى أن بوتين كان يتحدث مع بشار كما لو أنه يتحدث مع أحد موظفيه، فيما كان بشار مرتبكاً حائر النظرات.
وبهذا فإنه من الصعب اعتبار "حضور" بشار إلى روسيا – زيارة رئيس دولة، لا من حيث الشكل ولا من حيث المضمون. إنه أشبه ما يكون بـ"استدعاء".
قبل 2011 زار بشار عدداً من الدول المؤثرة، بما في ذلك روسيا، وكان دائماً يحظى باستقبال رسمي، شأنه في ذلك شأن رؤساء الدول. وكانت برامج زياراته تتفق مع نوع الزيارة المصنّفة بروتوكولياً. أما الآن، فمنذ 2011 لم يغادر بشار سوريا سوى إلى روسيا أو إلى إيران. وكل "مغادراته" جرت بنفس الطريقة المذلّة.
يعزو بعض المحللين سريّةَ هذه الزيارت إلى ضرورات أمنية، يقسمونها إلى قسمين:
الخوف من تنفيذ انقلاب،
الخوف من استهداف الطائرة من قبل الإرهابيين
وهم بتبريراتهم هذه يقعون في تناقض صارخ، إذا كيف يمكن أن يُـنَـفَّـذَ انقلابٌ على رئيسٍ يحظى بتأييد أكثر من 95% من الشعب؟ أما "الإرهابيون" فلم يستطيعوا إسقاط حوامات تطير على ارتفاعات لا تزيد عن 3- 4 كيلومترات، لتدمر مدنَهم وبلداتِهم وقراهم بالبراميل، فكيف لهم أن يسقطوا طائرة تطير على ارتفاع يزيد على 10 كيلومترات!؟
بالإضافة إلى ما تقدم، في كل اجتماع يعقده بشار مع مسؤولي هذين البلدين، لا بل في كل تصريح يدلي به مسؤولو هذين البلدين، يسمع بشار وأركان نظامه عباراتِ التعيير والمَنّ، من قبيل: "نحن من أنقذك من سقوط محتم"، "نحن من استعاد لك السيطرة على القسم الأكبر من أراضي بلدك"،،، وأمام هذه العبارات المذلة، يجد بشار نفسه مضطراً ليقول ما قال يوم أمس لـ بوتين: "أتوجه بجزيل الشكر لكم، وللدولة الروسية، ولكل مواطن روسي، على فعلتموه من أجل سوريا"...
ذات مرة، وبتأثير من نوبة "شعبوية" أراد الرئيس العراقي الراحل – صدام حسين، أن يُظهر تواضعَه وحبَّه للشعب فقال ما معناه: ينبغي علينا أن ندلل الشعب، ونحمله على أكتافنا، لكي لا يأتي الأجنبي ويجلس على رقابنا ويدلي رجليه"...
ورغم أن صدام لم ينفذ أبداً أي شيء من هذا القبيل، إلّا أن هذه المقولة تبقى صالحة لكل زمان ومكان.