فقد تابعت كيف أنّ النظام الأسدي– ومنذ الساعات الأولى للانتفاضة – جَنّد كل طاقاته لتصوير "الثورة السورية" على القمع والظلم والاستبداد والإذلال، على أنها "فَـوْرَة سـُنّيّة"، ينبغي إخمادها بكل الوسائل. وكيف تعمّد إبراز البعد الطائفي، عندما "أمر" بنشر مقاطع فيديو تظهر مواطنين علويين يسومون مواطنيين سنة أبشع أنواع العذاب والإذلال.
ثم سمعت التصريح الذي أدلى به وزير الخارجية الروسي – سرغي لافروف، في 22/3/2012، والتصريح الذي أدلى به مُنَظّر السياسة الخارجية الروسية – يفغيني بريماكوف، في 7/8/2012، اللذيْن يحذران من خطورة إقامة نظام سني في سوريا؛ ليس فقط على العلويين، بل على كل الأقليات.
ثم تابعت ما قاله أمين حزب الله اللبناني – حسن نصر الله، في الحديث الذي أدلى به لقناة "الميادين" في 27/12/2020، والذي اعترف فيه بأن ملالي طهران شعروا بالقلق على النظام الأسدي، منذ سقوط نظام حسني مبارك في مصر، ولهذا كلفوا قاسم سليماني بالعمل على الحيلولة دون سقوط النظام الطائفي مهما كلف الأمر.
ظل حسن نصر الله يؤكد ويردد أنه أرسل مقاتليه إلى سوريا لـ"حماية المزارات الشيعية" و"لكي لا تسبى زينب مرتين". لكنه في تصريحه (أعلاه) كذب نفسه بنفسَه، مبيناً أن أولياء أمره في طهران، احتاطوا - مسبقاً - لأي حراك في سوريا، يمكن أن يؤدي إلى إشراك الأغلبية العربية السنية في حكم بلدهم.
ثم شاهدت بأم عيني كيف يبارك القساوسة الروس الطائرات المتوجهة إلى سوريا، لقتل كل من تسوّل له نفسه شقّ عصا طاعة النظام الشرعي.
كنت أخشى أن أقتنع تماماً بوجود مخطط عالمي للحيلولة دون قيام أي قائمة للعرب السنة في المستقبل، لكن ما ذكره المفكر الماروني الدكتور نبيل خليفة في كتابه الشهير: "استهداف أهل السنة"، وكذلك في مقابلاته التي تتسم بالعلمية والصراحة والشجاعة، وضع النقاط فوق حروفها.
نعم، كل ما جرى ويجري– جزء من مخطط كبير يهدف إلى إنهاك العرب السنة في هذه المنطقة الحساسة. فقد شاهد العالم أجمع كيف يجري تقتيل بشر هذه المنطقة، دون تمييز بين طفل وعجوز وامرأة ومنتفض وإرهابي، وكيف يجري تدمير حجرها وشجرها لجعلها غير ملائمة للعيش، وكيف تجري عملية التهجير القسري لكل من يملك رأياً أو موقفاً من أبنائها.
وآخر الأدلة على ذلك - درعا البلد، التي رضي أهلها بالحد الأدنى من الحقوق الإنسانية، الذي حصلوا عليه من اتفاق عام 2018. لكن تمسّكهم بحقهم في التعبير عن رأيهم، لم يَـرُق لأصحاب مخطط استهداف العرب السنة، فقرروا تهجيرهم. وما صمت العالم أجمع على ما حدث لأهالي درعا البلد إلا دليل إضافي على وجود ذلك المخطط الجهنمي.