عندما كان بوريس يلتسين مرؤوساً، كان يتابع هموم المواطنين عن قرب، ويدافع عن مصالحهم في المحافل الحزبية والرسمية. ولهذا كان حقاً محبوباً في الأوساط الشعبية.
بعد أن تفكك الاتحاد السوفييتي، وأصبح (يلتسين) رئيساً لروسيا الاتحادية، أصيب بـ"الدوار"!
كانت البلاد غارقة في الفوضى، اقتصادها ضعيف جداً، المستوى المعيشي للمواطنين منخفض جداً، خلاف حاد بين مؤسسة الرئاسة والبرلمان، النزعة الانفصالية تتنامى لدى العديد من المكونات الفيدرالية، من أبرزها – المكوّن الشيشاني، والمكون التتاري.
خلال الفترة الرئاسية الثانية لبوريس يلتسين، وتحديداً؛ في آب/أغسطس 1998، تم الإعلان رسمياً عن "تعثر تقني"؛ أي عن عدم القدرة على سداد الدين الحكومي (إفلاس). وذلك على خلفية الهبوط الحاد في أسعار النفط والغاز، والأزمة الاقتصادية الحادة التي عصفت باقتصادات دول جنوب – شرق آسيا.
راح يلتسين يتخبط، حيث أقال حكومات وعين أخرى، ولم يستطع أن يحسم الحرب في الشيشان التي تستنزف الكثير من الموارد الشحيحة أصلاً، كما لم يستطع أن يهدئ الغضب الشعبي الذي راح يتنامى على خلفية الفقر والحرب،
تدهورت صحة يلتسين بشكل كبير، فخضع لعملية قلب مفتوح..
الفئة الأوليغارشية الطفيلية، التي تشكلت نتيجة خصخصة فاسدة لممتلكات الدولية السوفييتية، استغلت عدم قدرة يلتسين على متابعة الأمور عن كثب، فضاعفت من ثرواتها على حساب الشعب المسكين...
وفي أواخر عام 1999، أصبح واضحاً للجميع أنه لن يكون باستطاعة يلتسين أن ينتشل البلاد من المأزق الذي وصلت إليه؛ نتيجة عوامل موضوعية وذاتية.
هناك تقليد يتمثل في قيام رأس الدولة السوفييتية/الروسية، بإلقاء كلمة في الدقائق الـ5 الأخيرة من كل عام، يهنئ فيها الشعب بقدوم العام الجديد. وفي الدقائق الـ5 الأخيرة من الـ31 من كانون الأول/ديسمبر 1999، ظهر يلتسين كالعادة، وهنأ الشعب بقدوم عام جديد وقرن جديد، ثم بدأ يتكلم عبارات غير تقليدية؛ إذ شكر الشعب الذي منحه الثقة لولايتين رئاسيتين، وأكد أنه عمل كل ما في وسعه لخدمة الشعب، وأنه في مسيرته التي دامت 10 سنوات، نجح في أشياء وفشل في أخرى...
وفي خطوة مفاجئة، اعترف بأنه لم يعد أهلا للحكم، لهذا قرر التنحي عن منصبه، هــــديـــــة للشعب بعيد رأس السنة، راجيا من الشعب أن يغفر له، ويصفح عن الفشل والأخطاء التي ارتكبها دون قصد.
بإسقاط ما سبق على الحالة السورية، وإذا غضضنا النظر عن كل ما ارتكبه النظام الأسدي من جرائم بحق السوريين قبل آذار/مارس 2011، وبدأنا نحكم على تصرفاته ابتداء من ذلك التاريخ، سنجد أن الرأس الحالي للنظام الأسدي لن يستطيع وضع حد للحرب التي شنها على الشعب، كما لن يستطيع أن يؤمن مستوى معيشياً مقبولاً لمن تبقى تحت سيطرته،،،،
وإذا كان بشار لا يمتلك شجاعة وشهامة يلتسين، فلماذا لا يساعده المتضررون الأساسيون في الخروج من المشهد؟