لم يرتو نظام الأسد، وبعد عشر سنوات من انتفاضة الشعب السوري ضده، من الدم السوري، فمن المجزرة الأولى في درعا، إلى آخر مجزرة في درعا نفسها بمقتل عائلة كاملة مع أطفالها الخمسة، هناك مئات المجازر ارتكبت بحق الشعب السوري الثائر على حكم يدوم منذ نصف قرن ونيف.
الأمم المتحدة التي بدأت إحصاء القتلى أوقفت العد على الرقم 250 ألف قتيل. لكن العداد لم يتوقف. ومازال يحصي كل يوم قتلى جدد.
بالأمس كان القاتل واحدا: نظام الأسد. اليوم تعددت أسماء القتلة: فرس، روس، حزب الله، ميليشيات مأجورة: فاطميون، زينبيون، حرس ثوري، فاغنر،.. وسواها.
الشعب السوري خاض ملحمة عنونها التاريخ بأنها أسطورية، ودفع ثمنها ولا يزال أرواح مليونا من أبنائه، ولجوء الملايين إلى أربع أركان المعمورة، والعالم يشاهد كمتفرج وكأنه أمام فيلم سينمائي متخيل.
مع أول مجزرة بالكيماوي والتي وقعت في مثل هذه الأيام من العام 2013 فهم السوريون أنهم المنسيون في حسابات الربح والخسارة بين الدول المتصارعة في وعلى الشرق الأوسط، فالرئيس الأمريكي باراك حسين أوباما فضل أن يمسح الخط الأحمر الذي هدد به ضد استخدام الأسلحة الكيمائية في سورية لصالح توقيع الاتفاق النووي مع إيران التي تجند ميليشياتها وحرسها الثوري لقتل الشعب السوري وتدمير منازله، كل المنظمات الإنسانية قدمت تقارير دامغة بارتكاب النظام لجرائم حرب وضد الإنسانية، لكن لم يحرك أحد ساكنا، روسيا غزت الأراضي السورية بأحدث أسلحتها التي تجربها في لحم الأطفال السوريين، ومرتزقة فاغنر ترتكب جرائم موثقة لكن أحدا لم يحاسب القتلة، لحسابات توافقية بين الدول الإقليمية والدولية المعنية على حساب الشعب السوري.حتى الدول العربية تقف مواقف مريبة، وعجيبة، وغريبة، منها من يدعو للتطبيع مع النظام الكيماوي، ومنها من يرى، ويسمع، ويصمت. ومنها من يدعم النظام الكيماوي بالمال ليستمر في قتل الثائرين الذين أثاروا الهلع في أنظمة تخشى على نفسها من فيروس الحرية.
اليوم يشهد العالم أجمع حصار النظام الجائر على درعا واستهدافها والانتقام من أبنائها الذين أشعلوا نار الثورة، وفي الشمال يرتكب المجزرة تلو المجزرة مع حليفه الروسي، وكأن الأمر بات عاديا ينظر إليه من زاوية أخرى لا تمت بصلة إلى القتل ومعاناة الناس.
وإزاء هذه اللامبالاة الأممية، طلب وجهاء حوران حماية دولية لضمان أمن وسلامة المنطقة وأهاليها من بطش النظام ورياء الحليف الروسي الذي يخلف دائما بوعوده.