"يا درعا نحن معاك للموت"

طفل يحمل لوحة يا درعا حنا معاكي للموت(منبج، انترنت)
طفل يحمل لوحة يا درعا حنا معاكي للموت(منبج، انترنت)

" يا درعا نحنا معاك للموت" كان هتاف المهجرين والإدلبيين في الوقت الذي كانت مجنزرات نظام الأسد تقتحم مدينة مهد الثورة السورية. هذا الهتاف أعادنا إلى أيام الثورة الأولى، هتف السوريون في كل المدن السورية المنتفضة ضد النظام " يا درعا نحنا معاك للموت " في الوقت الذي كان فيه النظام يدك جامع العمري، ويقتل الدرعاويين الذين خرجوا بمظاهرة سلمية للاحتجاج على اعتقال إطفال لهم، وعلى مقتل ابنهم أيقونة الثورة حمزة الخطيب تحت التعذيب وتشويه جثته. هذا الهتاف هتفه السوريون لكل المدن السورية التي دمرها النظام وقتل سكانها، وارتكب فيها مجازر شنيعة ترقى إلى جرائم حرب، وجرائم ضد الإنسانية، وهذا إن دل على شيء فإنه يدل على إجماع الشعب السوري على إسقاط هذا النظام الجاثم فوق صدورهم منذ نصف قرن ونيف، وتكاتف الشعب السوري في هذه المحنة الكبرى، وتطلعه للحرية والعيش في دولة المؤسسات تضمن له الحرية والعيش الكريم.

كانت درعا ولا تزال درعاً للثورة بعد عقد من اندلاعها، والدرعاويون وقفوا في وجه النظام في الساحات في الذكرى العاشرة لمذبحة جامع العمري وقالوا بالفم الملآن:" الشعب يريد إسقاط النظام " بلا وجل. في المعركة الأخيرة وعندما قام النظام بزج الفرقة الرابعة بكل عتادها " الروسي" لدك درعا بآخر مستحضرات أسلحة الحليف الروسي كعملية انتقامية "تأديبية"، تفاجأ بأن الفرقة الرابعة بقضها وقضيضها هزمت أمام بضع مئات من مقاتلي درعا، بل حتى قاموا بإسر مجموعة من جنود الفرقة، والملفت أن أحد الضباط " العلويين " الأسرى اعترف بأنه معاملة الثوار لهم كانت معاملة أخوية، وكانوا معززين ومكرمين، وهذا إن يدل على شيء فإنه يدل على أن الشعب السوري، ورغم ظلم النظام، وبطشه، وإجرامه، وزج الطائفة العلوية في أتون حرب ضد شعبه، فقط لمصالح عائلة تسلطت على السلطة ولا تريد التخلي عنها إلى آخر "علوي"، ما زال يعتبر أن كل السوريين أخوة في الوطن، ولا فكاك من العيش معا على مبدأ لكل حق حقه، بالعدل والمساواة، فهذا النظام الذي تمرس على القمع والفساد والطائفية منذ البداية لا يمكن إصلاحه ولا بد من اسقاطه كما هتف السوريون منذ الهبة الأولى: " الشعب يريد إسقاط النظام".

لقد دان الغرب بشكل عام وأمريكا بشكل خاص الهجوم الوحشي على درعا، لكن الإدانة بالكلام لا تثني هذا النظام عن الاستمرار في سياسته القمعية، والتسلطية، في كل المناطق الرافضة لحكمه، مدعوما من حليفيه الضالعين أيضا في مقتلة الشعب السوري: الفرس والروس وبعض الأنظمة العربية التي تبحث عن تطبيع العلاقات مع نظام تعرف مليا أنه قتل شعبه ودمر سورية، وهذا يؤكد أن سياسة المصالح تتغلب على المباديء، فقتل امريء في غابة لا تغتفر وقتل شعب آمن مسألة فيها نظر.