لكل دولة، دون شك، جهاز مخابرات داخلي، وآخر خارجي. بعضها يستخدمهما لضمان أمن الدولة والمجتمع، بينما تستخدمهما دول أخرى في عمليات تجسس: سياسي، اقتصادي، عسكري. بهدف معرفة خفايا ما يقوم به عدو محتمل سياسيا، أو خصم تجاري واقتصادي، أو آخر ابتكارات الأسلحة الفتاكة التي لا يكشف عنها إلا بعد ترتيب صفقات البيع.
ففضيحة تنصت الحزب الجمهوري على الحزب الديمقراطي في واشنطن والتي انتهت باستقالة الرئيس ريتشارد نيكسون مثال على ذلك، والأمثلة كثيرة.
الفضيحة الأخيرة والتي تناولتها وسائل الإعلام العالمية، والتي أشارت إلى بيع شركة إسرائيلية وبموافقة الحكومة الإسرائيلية نظام التجسس بيغاسوس لعدة أنظمة عربية قامت بالتجسس على نشطاء من المعارضات السياسية، والصحفيين، وحتى على شخصيات سياسية لدول أخرى، تلقي الضوء على طبيعة تعامل إسرائيل مع الأنظمة العربية، أو بعض منها، فالعلاقة مشتركة: التجسس.
ويسمح البرنامج، إذا اخترق الهاتف الذكي، بالوصول إلى الرسائل والصور ووجهات الاتصال وحتى الاستماع إلى اتصالات مالكه.
وحصلت "فوربيدن ستوريز" ومنظمة العفو الدولية على قائمة بخمسين ألف رقم هاتف اختارها زبائن لمجموعة "ان اس او" الإسرائيلية منذ 2016 بهدف القيام بعمليات تجسّس محتملة. وأرسلت المنظمتان القائمة إلى مجموعة من 17 وسيلة إعلامية كشفت هذه القضية الأحد، بينها صحف واشنطن بوست وذي غارديان ولوموند، ومن بين الأرقام رقم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ورؤساء آخرين، ورؤساء حكومات، وسفراء..وهذا يعني بكل بساطة أنه مما لا شك فيه أن جهاز المخابرات الإسرائيلي يستخدم مثل هذه الأجهزة، وربما أجهزة أخرى تفوقها تقنية، ويتجسس بها على كل الزعماء العرب، وكل الشخصيات التي توضع على قوائمها لمراقبتها، منذ سنين طويلة، وتعرف كل شاردة وواردة دون جهد يذكر، أو إرسال جواسيس على نسق الجاسوس إيلي كوهين الذي أرسلته إلى سورية في ستينيات القرن الماضي. فالتقدم التكنولوجي جعل احترافية التجسس أكثر دقة، والحصول على المعلومات أقل جهدا، وخطرا. وأكثر سرعة. وعليه بات المرء يخشى من اختراق هاتفه ليس من قبل الموساد فحسب، بل من قبل مخابرات الأنظمة العربية التي تسوقت من إسرائيل ،الدولة الجاسوسية، أجهزة بيغاسوس لتلاحق معارضيها عن طريق هواتفهم الذكية، وصار لا بد من أخذ الحيطة والحذر، وعدم توزيع الأرقام لكل من هب ودب. فأرقام الهاتف صارت خصاص الباب الذي عبره يتلصصون علينا ويعرفون خبايانا.