تسعى مجموعة دول عربية لتعويم نظام الأسد وإعادته إلى الجامعة العربية، والتوسط لدي الولايات المتحدة الأمريكية لرفع العقوبات المفروضة على النظام استنادا إلى قانون " قيصر" كي يتسنى للنظام من إعادة الإعمار.
هذا المسعى الذي يصطدم لحد الآن بالرفض من أنظمة عربية أخرى، والولايات المتحدة والاتحاد الأوربي، مع أن روسيا تقف وراء هذا المسعى، وقام وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف بعدة لقاءات مع زعماء عرب لحثهم على إعادة العلاقات مع النظام السوري وعودته إلى حضن الجامعة العربية.
إن مثل هذه المساعي تعني:
أولا: خيانة للشعب السوري، ولمئات آلاف الضحايا الذين قتلوا من قبل النظام وميليشياته، وميليشيات قوى أجنبية.
ثانيا: يحكمون على كل اللاجئين السوريين والذي تخطى عددهم سبعة ملايين سوري بعدم تمكنهم من العودة إلى وطنهم لأن معظمهم يخشى على أمنه وأمن أولاده من انتقام النظام، فلا أحد يأمن جانب نظام قتل مليون إنسان من شعبه، ولا يزال. وهذا يعني أن هذه الأنظمة سترتكب جريمة بحق كل اللاجئين السوريين باستمرار معاناتهم في دول الشتات وخاصة من هم في المخيمات في لبنان والأردن. وكذلك كل النازحين الذين ينتظرون أيضا العودة إلى ديارهم.
ثالثا: هذه الأنظمة بمسعاها هذا تعترف بنظام غير ديمقراطي يزور انتخابات بمسرحية هزلية، ويوافق على استمرارية نظام العائلة ـ الطائفة الذي يجثم فوق صدر السوريين منذ زهاء نصف قرن ونيف. وهنا أيضا يعتبر هذا المسعى جريمة بحق الشعب السوري الذي سيستمر النظام في قمعه وقتله تحت أعين هؤلاء، وكأن الإنسان السوري لا قيمة له.
رابعا: إن إعادة النظام إلى الجامعة العربية لا يعني أبدا أن النظام سيكون مرضياً عنه دوليا، وتوافق دول الاتحاد الأوربي والولايات المتحدة على إعادة الإعمار التي ربما يصبو بعض هذه الأنظمة ليكون لهم نصيب من الكعكة السورية.
خامسا: إن تعويم النظام لا يعني أبدا أن المعارضة السورية بجميع أطيافها ومكوناتها ستستسلم للأمر الواقع، بل على العكس ستزداد حدة معارضتها وستستمر في كشف جرائم هذا النظام وتضغط باتجاه اسقاطه.
سادسا: إن مسعى تعويم النظام سيكرس التقسيم على الأرض السورية، فكل من يسيطر على منطقة ما من الخارطة السورية لن يتخلى عنها ويبقى النزاع المسلح مستمرا.
سابعا: كما أن هذا المسعى من شأنه أن يلغي الحل السياسي على أساس قرار الأمم المتحدة 2254 فالنظام الذي يرفض أي حل سياسي حاليا، ومنذ اندلاع الثورة، ولن يقبل به عندما يصبح في موقع " المرضي عنه ". وهذا فيه أيضا خيانة للشعب السوري الذي يتطلع إلى بناء الدولة المؤسساتية الديمقراطية وينهي حقبة نظام طائفي، مجرم، مخابراتي، لا يعرف سوى لغة القتل والتعذيب.إلا إذا كانت هذه الأنظمة تخشى نظاما جديدا في سورية يقوم على أسس ديمقراطية، ودستور يضمن لكل فرد حقه في الحياة الكريمة الأمنة، يكون بمثابة محرض لشعوبها لتحقيق ما حققه السوريون.