ليس حباً بالمناكفة، بل شعوراً بواجب مساعدة من على بصيرته غشاوة، على رؤية المشهد الوطني على حقيقته؛ لا كما تُصوّره له أبواق النظام ومحور المقاومة الزائفة.
الحديث عن انتصار سوريا - مضحكٌ لولا مأساوية الواقع،،،
إذا كانت سوريا هي "النظام" و"النظام" هو سوريا، فإن الحديث عن النصر - صحيح... إذ أن "النظام"، الذي هو في واقع الأمر حفنة من المجرمين الطائفيين أحاطت نفسها بشلة من المرتزقة القتلة ــ لا يزال متسلطاً على رقاب من تبقى من السوريين؛ بحماية روسيا وإيران.
أما إذا كان الحديث عن سوريا الوطن، سوريا الإنسان، سوريا الشعب، سوريا الجغرافيا، سوريا الاقتصاد - فإن الأمر مختلف تماماً... إذ أن سـوريا اليوم - وطن مهزوم هزيمة نكراء؛ شعبها يعاني قساوة النزوح والمهاجر والمنافي، إضافة إلى الفقر والذل... جغرافيتها - محطمة وممزقة. الجزء الأكبر منها يقع تحت سيطرة الإيرانيين والروس، يليه في الكِـبَـر جزء يقع تحت سيطرة عصابات جبال قنديل المحتمية بالولايات المتحدة الأمريكية، يليها جزء لا يستهان به يقع تحت سيطرة تركيا، إضافة إلى جيوبٍ أحدها تحت سيطرة القاعدة، وآخرشبه مستقل في درعا، وآخر نظير له في السويداء.
بعد هذا النصر الإلهي العظيم لم يبق أثر للسيادة واستقلال القرار. إذ أن الشأن السوري - بكافة تفرعاته وتجلياته - يُعالج في المحافل الإقليمية والدولية دون مشاركة أي سوري.
وبالعودة إلى روسيا وإيران، فإن هاتين الدولتين قررتا الإبقاء على "النظام" ليس حباً به، بل لما في ذلك من مصلحة لكل منهما على الصعيد الجغراسياسي، والاقتصادي، والعسكري. إذ أن كلاً من روسيا وإيران معنِـيّ بكسب كل ورقة ممكنة لاستخدامها في الحوار والجدال مع الغرب لانتزاع تنازلات منه في قضايا خلافية. وعلى الصعيد الاقتصادي، لا يزال كل من البلدين يحرص على إبقاء بشار الأسد في منصبه، لكي يوقع له على كل ما يُطلب منه. وعلى الصعيد العسكري – لم يعد سراً لأحد أن سوريا مثـّلت ولا تزال حقلاً لتجريب الأسلحة والذخائر. ذلك أن خبراء المجمع الصناعي العسكري الإيراني يحرصون على متابعة أداء أسلحتهم وذخائرهم ميدانياً. ورغم أن الإيرانيين يلتزمون "التقية" كعادتهم، إلا أن الخبراء في هذا المجال يؤكدون أن الأسلحة والذخائر الإيرانية أصبحت أكثر دقة وأكبر فعالية خلال السنوات القليلة الماضية. والأمر نفسه ينطبق على الجانب الروسي، الذي يتحدث بصراحة عن استغلال تدخله في سوريا لتطوير أسلحته وذخائره. وآخر ما استجد في هذا المجال، تصريح أدلى به قبل أيام وزير الدفاع الروسي – سرغي شويغو، أكد فيه أن بلاده، "جربت أكثر من 320 نوعاً من الأسلحة والذخائر. وبفضل الاختبارات العملية، تم الارتقاء بأداء العديد من الأسلحة والذخائر إلى أعلى المستويات".
وعلى الرغم من هذا الواقع المرير، يُقسم بشار الأسد للمرة الرابعة أن يرعى مصالح الشعب وحرياته، ويحافظ على سيادة الوطن، واستقلاله، وسلامة أرضه...