منذ أن أعلن رأس النظام النصر على "الإرهابيين" الذين يشكلون غالبية المواطنين، راح المستوى المعيشي للمواطنيين "المتجانسين" يتدهور بوتيرة متسارعة؛ حيث بدأت الأسعار ترتفع بشكل جنونيّ، وتنخفض القدرة الشرائية لـ الليرة بشكل جنونيّ أيضاً.
وفي ظل هذه الظروف المعيشية البائسة، لا يجد رأس النظام غضاضة في ممارسة نفس اللعبة التي مارسها أبوه منذ النصف الأول من ثمانينيات القرن الماضي، المتمثلة في:
رفع الأسعار،
ثم إعادة جزء مما يتم جنية بصفة زيادةٍ في الرواتب،
ثم الإيعاز للأبواق للإشادة بـ"مكرمات" السيد الرئيس...
ليس الهدف من هذه المقالة سلبَ السوريين المساكين فرحتَهم بهذه الزيادة الموهومة، بل فتح عيونهم على الحقيقة رغم مرارتها. والحقيقة هنا تكمن في أن ارتفاع المستوى المعيشي للمواطن لا يمكن أن يحدثَ إلا في ظل اقتصاد وطني قوي، فـ:
هل هناك مؤشرات حقيقية تؤكد أن اقتصاد البلد انتعش، وأن عجلة الإنتاج دارت بسرعة هائلة، تتيح زيادة الرواتب والأجور بهذه النسبة الكبيرة جداً؟
ليس من الضروري أن يكون المرء متخصصاً بالاقتصاد ليكتشف زيف ما ادعته مستشارة رأس النظام – بثينة شعبان، من أن "الاقتصاد السوري اليوم أفضل بـ 50 مرة مما كان عليه في سنة 2011".
نعم،،، الاقتصاد السوري ليس فقط مريض، لا بل – منهار!!! كيف لا، وقد فعل النظام كل ما من شأنه تدمير كل الأسس الاقتصادية للدولة. فعلى مدى السنوات العشر الأخيرة، وجّه النظامُ كافة الموارد المالية للدولة ليس لتطوير البنية التحتية، واستحداث منشآت صناعية وزراعية وسياحية، بل لتغطية تكاليف تــدمـيــــر هذه البُنى تدميراً شاملاً. وبالتوازي مع ذلك، عـبـّـأ كل الموارد البشرية القادرة على العمل والإنتاج ليس للبناء والتطوير، بل للقتل والتدمير والتهجير... وبالإضافة إلى هذا وذاك، خسر النظام كافة مناطق إنتاج النفط والغاز، والمناطق الرئيسية لإنتاج القمح والقطن... زِد على كل ما ذكر أعلاه، عاملين في غاية الأهمية، لتطوير الاقتصاد:
الاستثمارات الخارجية التي انعدمت انعداماً تاماً،
موجودات الدولة من العملات الصعبة والمعادن الثمينة التي سحبها أزلام النظام من السوق، وهربوها إلى الخارج.
بعد هذه المقدمة الطويلة، لا بد من التساؤل:
هل هذه زيادة حقيقية ومكرمة من "سيد الوطن"، أم أنها مجرد "ضحك على اللحى"؟
لن أكلف نفسي عناء البحث عن إجابة، فقد وجدها السوريون، الذين لفتوا إلى أن الرواتب الذي كان متوسطها 50 ألف ليرة، كانت تكفي لشراء:
500 ربطة خبز،
277 ليتر مازوت.
وبعد أن رَفعت الدولة /رسمياً/ أسعار الخبز والمازوت والبنزين، وتكرّم السيد الرئيس برفع الرواتب والأجور، أصبح متوسط الرواتب 75 ألف ليرة، وأصبح هذا المبلغ يكفي لشراء:
375 ربطة خبز،
150 لييتراً من المازوت.