المجلس العسكري وانقسام السوريين

العميد المنشق مناف طلاس (إنترنت)
العميد المنشق مناف طلاس (إنترنت)

كثر الحديث في الآونة الأخيرة عن وجود توافق عسكري، داخل المعارضة السورية، وبعض الضباط المتواجدين في الجيش السوري التابع للنظام، على اسم العميد مناف طلاس كرئيس لمجلس عسكري، يكون اللبنة الأولى لمرحلة جديدة في سوريا من دون بشار الأسد. 

والمثير للاهتمام، أنَّ فكرة إنشاء هذا المجلس جاءت متزامنة مع فشل اللجنة الدستورية في التوافق على تعديل الدستور، والأهم من ذلك اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية في سوريا، والتي يصر النظام على المضي قدماً بإتمامها في شهر نيسان (إبريل) القادم، وهذا كله يجعلنا نتوقف قليلاً ونفكر، لمصلحة من يندرج طرح هذا الموضوع؟، وخصوصاً أنَّ الجانب الروسي أكد في أكثر من فرصة عدم اطلاعه عليه.

ولكن لنعد لبداية فكرة تأسيس المجلس...

خلال الأسابيع الماضية، وفي خضم الحديث عن تأسيس المجلس بدأت الأصوات تتعالى ما بين مؤيد له، كونه السبيل الوحيد المتوفر حالياً للتخلص من كابوس النظام وعلى رأسه بشار الأسد ومن لف لفيفه. ورافض له، كون العميد طلاس، ابن الراحل العماد أول مصطفى طلاس وزير الدفاع السابق، المعروف بقربه الشديد من عائلة الأسد، والجندي المطيع لما يمليه عليه قائده حافظ الأسد، حيث تقف تلك الأصوات الرافضة لذلك الخيار عند حقيقة تلوث يدي طلاس الأب بالجرائم التي حلت على السوريين خلال عقود حكم حافظ الأسد، وهو العراب الرئيسي لتنصيب رأس النظام الحالي في الحكم.

ولكن قد يأتي قائل ويقول، "ما دخل الأب بالابن!!"، ولماذا نحمِّل مناف طلاس ما ارتكبت يدا والده؟ وخصوصاً أنَّ مناف وفي أكثر من مناسبة قال علانيةً أنه انشق عن هذا النظام إثر تبني هذا الأخير الحل الأمني في سوريا.

فكرة المجلس العسكري ليست بجديدة وفقاً للفنان السوري والعضو السابق في منصة القاهرة جمال سليمان، فهو قد أطلع نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف عليها "قبل أكثر من 4 سنوات"، وسارع في الوقتِ ذاته المعارض السوري د.كمال اللبواني، للتأكيد أنَّ الفكرة ذاتها قد باغتته ليلاً وأشاعها على منصات التواصل الاجتماعي ومجموعات "الواتس أب"، لتنتشر كالنار في الهشيم حسب تعبيره.

ما بين موافق ورافض لفكرة إنشاء مجلس عسكري، انقسم السوريون من جديد، متناسين حقيقة أنَّ ما من حل قد يطبق في سوريا إلا وسيمر عبر غرف اجتماعات الدول ذات المصالح، ونحن السوريين الواقفين على هامش تلك المطابخ السياسية، آخر ما يمكن أن تفكر به الدول بعد أن فقدنا وأُفقدنا كل أدوات الضغط الممكنة، فتحولنا كمعارضين أو موالين إلى بيادق صغيرة تحركها المصالح الدولية، وترمي بها ذات اليمين وذات الشمال غير آبهة بما نرغب.