من ستالين إلى هنية – القيادة مسؤولية

اسماعيل هنية
اسماعيل هنية


بعد أن تمكّن ستالين من تحييد كلّ مُنافسية على خلافة لينين في قيادة "الحزب الشيوعي"، كلَّف رئيسَ "لجنة أمن الدولة"- يِجوف، بـ"تطهير" كافة مؤسسات الدولة السوفياتية، من "المخربين" و"أعداء الشعب". 

استغرقت عملية التطهير تلك عامي 1937 و1938، وراح ضحيتها خيرة الشخصيات العلمية والمدنية والعسكرية، بمن في ذلك، عشرات المارشالات، ومئات الجنرالات، وآلاف الضباط.

في تلك الأثناء، بلغت القوة العسكرية الألمانية مستوياتٍ غير مسبوقة، فبدأت الأحلام الإمبراطورية تدغدغ مخيّلة مستشار الدولة – أدولف هيتلر...

في الـ13 من آذار/مارس سنة 1939 احتلت القوات الألمانيه كامل تشيكوسلوفاكيا، بدعوى أنها رفضت إعادة مقاطعات ذات أغلبية سكانيّة ألمانيّة. ثم تناهَتْ إلى أسماع ستالين معلوماتٌ استخباراتية تفيد بأن هيتلر يخطط لاجتياح بولندا. ففهم أن الزحف الألماني شرقاً لن يتوقف عند بولندا، بل سيتابع نحو الأراضي السوفياتية.

كان ستالين يدرك أن "الجيش الأحمر" السوفياتي ضعيف جداً، لأن القادة الجدد لم يتمكنوا بعد من ملء الفراغ الذي أحدثته تصفية كبار القادة. ومؤسسات التصنيع العسكري هي الأخرى كانت تعاني من صعوبات كثيرة لأن المصممين والمدراء الجدد لم يتمكنوا من ملء الفراغ الذي أحدثه غيابُ كبار المصممين والإداريين... لهذا، ليس فقط امتنع (ستالين) عن اتخاذ موقف رافض لاحتلال تلك الدولتين، بل أمر وزير خارجيته – مولوتوف، بالعمل على توقيع "معاهدة عدم الاعتداء" مع ألمانيا، أملاً في كسب الوقت اللازم لرفع جاهزية الجيش. وتم بالفعل توقيع "معاهدة مولوتوف – روبينتروب".

 

من هذه المقدمة، أريد أن أصل إلى الأحداث الدائرة في فلسطين،،، فعندما بادرَتْ "حماس" إلى قصف المستوطنات الإسرائيلية، ظن الكثيرون أنها لم تكن لتقدم على هذه المغامرة، لولا أنها لم تكن على قناعة بأنها لن تكون وحيدة في مواجهة "العدو الصهيوني". ووجد الكثير من المراقبين أن الظروف الحالية ناضجة تماماً لانخراط حلفاء "حماس" في ما يسمى بـ"محور المقاومة" في المعركة. ذلك أن زعيمة هذا "المحور" – إيران، لم تتوقف قط عن التغني بالقدس وفلسطين، إضافة إلى أنها تتلقى باستمرار ضربات موجعة من قبل إسرائيل. ويعلم الجميع أن إيران تمتلك أذرعا كثيرة موزعة على طول حدود إسرائيل مع كل من لبنان وسوريا، ناهيك عن الصواريخ التي لا تحتاج – حسب زعم الإيرانيين - سوى إلى سبع دقائق ونصف للوصول إلى عمق إسرائيل. لكنّ إيران لم تحرك أياً من أذرعها، رغم ما تتعرض له غزة من تدمير وتقتيل.

لقد أصبح واضحاً أن قيادة "حماس" لم تدرك بعد أن حلفاءها مجرد ظواهر صوتية أو فقاعات، رغم أنهم  تركوها وحيدة في الحروب الثلاث الماضية (2008 و2012 و2014). والقائد الذي لا يجيد قراءة الواقع واستخلاص العبر، لا يجلب لشعبه سوى الويلات.