أحداث القدس ومحور المقاومة

صورة تعبيرية (انترنت)
صورة تعبيرية (انترنت)

في سنة 2002، استخدمت صحيفة  "الزحف الأخضر" الليبية - لأول مرة - مصطلح "محور المقاومة"، رداً على الرئيس الأميركي - جورج بوش، الذي استخدم مصطلح "محور الشّـر" في وصف إيران الملالي، وعراق صدام، وكوريا "آل كيم" الشمالية. أما الآن، فأصبح مصطلح "محور المقاومة" ملكاً حصرياً لملالي إيران، والدول والميليشيات التي تدور في فلكها.

منذ انتصار ما يسمى بـ"الثورة الإسلامية" في إيران، دأب "آيات الله" على التظاهر بمظهر المُتبنّي القويّ للقضية الفلسطينية، والأكثر غيرة على القدس. وتجسد هذا التظاهر في خطوات عملية وقرارات؛ من أبرزها:

قطع جميع العلاقات مع إسرائيل، في 18 شباط/فبراير عام 1979، أي بعد نجاح "الثورة" مباشرةً،

تسليم مبنى السفارة الإسرائيلية في طهران لمنظمة التحرير الفلسطينية،

إعلان روح الله الخميني، الجمعة الأخيرة من رمضان "يوم القدس"، ووصفُه إسرائيل بأنها "الشيطان الصغير"،

تشكيل "فيلق القدس" في إطار "حرس الثورة الإسلامية"،

وصف مرشد الثورة الحالي - علي خامنئي، إسرائيل بأنها "ورم سرطاني في المنطقة ينبغي استئصاله".

لقيت هذه القرارات والتصريحات ترحيباً كبيراً لدى شرائح واسعة من المجتمعات العربية، التي فقدت الأمل في قدرة الدول العربية على إيجاد الحل المرجو لقضيتهم المركزية. وعلى الرغم من ذلك كان مؤيدو إيران يتساءلون بِحِـيـِرة عن سبب صمت بقية أتباعها عندما يشتبك أحدهم مع إسرائيل. فقد سبق أن تعرض "حزب الله" لحملة تأديبية قاسية سنة 2006، فيما بقي النظام السوري و"حماس" و"الجهاد الإسلامي" صامتين... بدوره، اتخذ النظام السوري و"حزب الله" موقف المتفرج إبانّ "الانتفاضتين" (1987- 1993 و 2000- 2005)، كما التزما الصمت إزاء الحروب الثلاث، التي شنتها إسرائيل على قطاع غزة (2008، و2012، و2014).

بلغت دهشة مؤيدي إيران من السوريين ذروتها عندما وجدوها تجند كل جنودهان وتحشد كل طاقاتها لمواجهتهم، وهم الذين لا يستطيع أحد أن يزاود عليهم في حب فلسطين والتضحية في سبيلها. لكن هذه الحيرة لم تَـدُمْ طويلاً، إذ أن إيران نفسَها سهّلت عليهم فهم ما صعب عليهم فهمه، عندما زجت - في مواجهتهم - بميليشيات تحمل تسميات طائفية فاقعة، تستخدم شعارات وأهازيج طائفية رنانة...

قضية إيران – إذا - ليست قضية مقاومة ولا ممانعة، بل مخطط هيمنة واسعة المدى، تكشفت معالمه بوضوح خلال العقد الأخير. ولو أن الأمر كما كانت تدعي على مدى عقود، لاستغلت الأحدث الساخنة الحالية، ولحركت حرس ثورتها الإسلامية المزعومة، وأذرعها الطائفية من لبنان إلى سوريا، إلى العراق إلى اليمن، لوضعِ حدٍّ نهائي لما يقوم به "العدو الصهيوني" من انتهاك للقدس، وتدنيس للأقصىى، وتدمير لغزة.