لماذا تقيم الأنظمة الديكتاتورية انتخابات؟

أسماء الأخرس وبشار الأسد(انترنت)
أسماء الأخرس وبشار الأسد(انترنت)

وهكذا - يا سادة، يا كرام - أصبح ما يسمى بـ"الانتخابات الرئاسية" في سوريا – واقعاً ينبغي على كل جانب أن يحدد موقفه منه.

القيادةُ الروسية، التي هي المقررُ الرئيسيُّ في الشأن السوري، تَعتبر هذا الأمر ليس فقط طبيعيّاً، بل وضرورياً، لسببين:

الأول: ليس من المعقول أن يبقى أيُّ بلد بلا رئيس شرعي وسلطة شرعية.

الثاني: إن تمديد الفترة الرئاسية بدون أسباب وجيهة - أمرٌ غير منصوص عليه في الدستور، وبالتالي يمكن أن يمثل طعناً في شرعية بقاء بشار في السلطة.

هذا التبرير - "قول حق يراد به باطل"! فالنظام الذي وضع أسسَه حافظ الأسد، قبل نصف قرن، لم يكن يوماً شرعياً، لأسباب يعرفها الروس كما يعرفها أي سوري. أما الحديث عن الدستور فكان من الممكن أن يكون مضحكاً لولا أنه مثير للشجون. ذلك أن الدستور السوري، ورغم عِلَلِه الكثيرة، ينص على قدر مقبول من الحريات والحصانات للمواطن. لكن النظام الأسدي، لم يأبه يوماً لا بدستور ولا بقانون، لأنه يعتمد كلياً على القوة الغاشمة المنفلتة من كل عقال.

هنا، من المنطقي أن يبرز في الأذهان سؤال: لماذا تُـقيم الأنظمة الديكتاتورية انتخابات، وتصرف على تنظيمها أموالاً طائلة، وهي تعلم علم اليقين أن الشعوب تعرف تماماً أن أصواتها لا تغير في النتيجة أي شيء؟

أنا أرى أن الأنظمة الديكتاتورية تبتغي من وراء ذلك تحقيق هدفين:

الأول: انتحال شيء من الشرعية لكي تعطي للمجتمع الدولي مبررات قبولها،

الثاني: إرضاء عقدها السادية!!!

أنا أرى أن الديكتاتور مخلوق ساديّ بالضرورة. فهو يتلذذ برؤية الناس يُمجّدونه رغم أنفوهم، ويتقاطرون صاغرين كالقطعان إلى المركز الانتخابية، لكي يكتبوا ما يَفرِضه عليهم فرضاً. وبإسقاط هذا السؤال على الحالة السورية، أرى أن القيادة الروسية قررت إقامة الانتخابات رغم معارضة الأمم المتحدة وغالبية المجتمع الدولي المتحضر، لسببين:

الأول: لإضفاء صفة الشرعية على كل الاتفاقيات التي وقعتها والتي تخطط لتوقيعها مع نظام بشار الأسد،

الثاني: لكي تكسب المزيد من الوقت في صراعها السياسي مع الغرب، أملاً في الحصول منه على تنازلات.

في الختام، لا أستطيع إلا أن أذَكِّر بأن إفشال هذه المسرحية المأساوية منوط – بالدرجة الأولى – بالسوريين القابعين تحت سيطرة ما يسمى بـ"النظام". لأن "الخنوع" يعني بقاء بشار جاثماً على صدورهم، وهذا بدوره يعني استمرار تدهور مستواهم المعيشي، الذي وصل أصلاً إلى الحضيض. أما "مقاطعة الانتخابات" فتعني أن ثمة أناساً ضاقوا بواقعهم المزري ذرعاً، وعلى المجتمع الدولي أن يساعدهم على التخلص مما هم فيه من بؤس وشقاء.