أنتجت الثورة السورية بعد اندلاعها في العام 2011 معارضة سياسية من شتات المعارضات المختلفة المشارب والمآرب بموازاة المعارضة العسكرية التي تشكلت من الضباط والعسكر المنشقين عن جيش النظام، فالمعارضة السياسية بدأت بإنشاء المجلس الوطني السوري في 2.11.2011 الذي ضم شخصيات معارضة كان معظمها مهجرا خارج سوريا، وهذه الشخصيات تمثل تيار المستقلين (الذي كان سباقا للدعوة لإنشاء المجلس الوطني حيث برزت شخصية الدكتور برهان غليون الذي ترأس هذا المجلس فور تشكيله، والراحلة بسمة القضماني، وجورج صبرا الذي ترأس المجلس لفترة واحدة، ورضوان زيادة، وأديب الشيشكلي، ولينا الطيبي، وغالية قباني، وفراس قصاص، وسواهم)، وأعضاء ربيع دمشق كالراحل ميشيل كيلو، وسمير النشار، وهيثم المالح، وأعضاء من هيئة التنسيق الوطني التي يترأسها أمين عام الاتحاد الاشتراكي حسن عبد العظيم، والمجلس الوطني الكردي، وقد برز اسم عبد الباسط سيدا الذي ترأس المجلس أيضا، وأحمد حسو، والاخوان المسلمون وكان يمثلهم محمد فاروق طيفور، ومنهم نذير الحكيم، وعبيدة نحاس، ومنير الغضبان، وأحمد رمضان، ومحمد سرميني، عماد الدين رشيد، وسواهم وعدة أعضاء من الطائفة العلوية حيث برز اسم منذر ماخوس الذي عين سفيرا في فرنسا فيما بعد، والتركمان مثل خالد خوجة الذي ترأس الائتلاف الوطني ، ومن الطائفة الدرزية جبر الشوفي، وبشار العيسمي، ومن العشائر سالم المسلط (شيخ قبيلة الجبور أكبر القبائل العربية في سوريا) الذي ترأس الائتلاف فيما بعد، وأحمد الجربا، وأنس العبدة من حركة العدالة والبناء. وكذلك أعضاء من الشركس والآثوريين، وبالطبع العديد من الأعضاء المسيحيين منهم بسام إسحاق، وباختصار كان المجلس الذي بلغ عدد أعضاؤه 312 عضوا كان يضم كل أطياف الشعب السوري. وبعد الإعلان عن المجلس تم الاعتراف به كممثل وحيد للشعب السوري، وتدعمه العديد من الدول (أصدقاء الشعب السوري). واستقبلت تونس أول مؤتمر له في 24.12.2012. لكن بعد هذا المؤتمر برزت خلافات داخل المجلس، حيث بدأت تتضح هيمنة الأخوان المسلمين، الأمر الذي دفع برئيس المجلس برهان غليون تقديم استقالته وتبعه استقالات عديدة أيضا الذين كانوا من مجموعة العلمانيين، ثم قام حوالي 20 عضوا من الإسلاميين بالانشقاق عن المجلس وشكلوا ما يسمى ب"مجموعة العمل الوطني السوري " وترأس هيثم المالح المجموعة والتي كان من أعضائها كمال اللبواني (الذي زار إسرائيل فيما بعد)، وكاترين التللي، وفواز تللو، ووليد البني، وكان اللبواني يوجه انتقادات لاذعة في بعض اجتماعات المجلس موجهة للأعضاء. ومن الأخطاء التي نص عليها النظام الداخلي للمجلس هي مدة رئاسة المجلس التي حددت ب 3 أشهر، فكان المدة قصيرة جدا للرئيس كي يستطيع إنجاز أي عمل، وحتى أن المنظمات والدول لم يتح لها الوقت للتعامل مع رئيس واحد لفترة معقولة المتعامل بها في الجمعيات والمنظمات التي لا تقل عن سنتين. وشكا الكثير من أعضاء المجلس من التهميش والإقصاء، وعدم مشاركتهم في القرار الذي اقتصر على عدد قليل من الأعضاء. وانتهى به الأمر إلى الزوال سريعا، وتشكيل الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية في العاصمة القطرية الدوحة في11.11.2012 وكان هدف تشكيل الائتلاف هو عدم الوقوع بأخطاء المجلس الوطني وتشكيل كيان أكثر شمولا وتنوعا، (كان عدد أعضاء الائتلاف 63 عضوا ثم توسع لاحقا ليصل العدد إلى 113 عضوا، وهذا يعني أن المجلس كان أكثر شمولا وتنوعا وأن الائتلاف قام بعملية إقصاء كبيرة وتم اختيار الأعضاء بعناية فائقة لاعتبارات مختلفة، وقد انضوى تحت مظلة الائتلاف 12 مجلس وتيار منها المجالس المحلية، والمجلس التركماني، والإخوان المسملون، رابطة المستقلين الكرد، والمنظمة الآثورية، ومجلس العشائر) وتم تعيين معاذ الخطيب أول رئيس له بالتزكية، وتم الاعتراف به من قبل الجامعة العربية ومن العديد من الدول الأوربية، والولايات المتحدة الأمريكية. لكن معاذ الخطيب سرعان ما أعلن عن استقالته في 24 مارس 2013 وترأس الائتلاف جورج صبرا من بعده لفترة قصيرة، ولم يسلم الائتلاف من الانقسامات الداخلية التي منها بسبب تيارات مختلفة، وتدخل القوى الخارجية. في 18 مارس/آذار 2013، أسس الائتلاف الحكومة السورية المؤقتة، التي مارست لاحقاً سلطتها في المناطق الواقعة تحت النفوذ التركي في شمال سوريا ترأسها غسان هيتو، وفي عام 2015 انخرط الائتلاف في تأسيس "الهيئة العليا للمفاوضات" برعاية السعودية والتي ترأسها نصر الحريري، وقام الاخوان المسلمون بالانسحاب من الائتلاف بعد الانقلاب على محمد مرسي في مصر، وتهنئة رئيس الائتلاف أحمد الجربا الرئيس عبد الفتاح السيسي، وانسحب المجلس الوطني السوري احتجاجا على مشاركة الائتلاف في مؤتمر جنيف 2 الذي يضم وفد النظام السوري، وشارك الائتلاف لاحقاً في هيئة التفاوض السورية، وكان له ممثلون في اللجنة الدستورية السورية التي عقدت اجتماعات متكررة تحت رعاية الأمم المتحدة ومبعوثها الأول ستيفان ديمستورا الذي فشل في مهمته واستبدل ب غير بيدرسون (الذي قدم استقالته من منصبه مؤخرا بعد استلام المبعوث الأمريكي توماس باراك الملف السوري) دون الوصول إلى أي حل بسبب تسويف وفد النظام. ومع حالة الجمود فقد الائتلاف الكثير من نفوذه، وشعبيته، وفقد الدعم الأمريكي في عام 2019، وسحبت جامعة الدول العربية اعترافها به في عام 2023، وأعادت مقعد سوريا للنظام السوري وتم استقبال المخلوع بشار الأسد في قمة الرياض (11تشرين الثاني/نوفمبر أي قبل شهر من فراره إلى موسكو)وكانت قد عصفت خلافات شديدة بالائتلاف بعد أن اتخذ رئيس الائتلاف سالم المسلط قرارا بإقالة نحو 14 عضوا وعلى رأسهم أحمد رمضان، وزكريا ملاحفجي، وياسر الفرحان، وإلغاء 4 كتل في الائتلاف ( حركة العمل الوطني، والكتلة الوطنية المؤسسة، والحراك الثوري، والحركة الكردية المستقلة. (كان هناك رغبة تركية مدفوعة من دول عربية للتخلص من (الإخوان المسلمين)، وقد تعرض رئيس الائتلاف سالم المسلط للطرد والضرب في مدينة أعزاز في ريف حلب الشمالي، خلال حضوره للمشاركة في تظاهرة تتهم الائتلاف بعدم معارضة مشروع التقارب التركي مع النظام البائد، وكان الائتلاف يواجه معارضات من منصتي موسكو (منصة تجمع عدة شخصيات يترأسها قدري جميل، وسكرتير الجزب الديمقراطي التقدمي الكردي صلاح درويش، وعبيدة نحاس، وحسن هاني الأطرش) وهذه المنصة تتبنى الرؤيا الروسية للحل في سوريا بمشاركة المخلوع بشار الأسد، ومنصة القاهرة برئاسة فراس الخالدي ومنها أحمد الجربة، والممثل
في أواخر عام 2024، تفاجأ الائتلاف كباقي الفعاليات السورية بسقوط نظام الأسد الفار، فانتقل مقر الائتلاف من إسطنبول إلى دمشق. وفي فبراير/شباط 2025، دعا هادي البحرة آخر رئيس للائتلاف إلى فترة انتقالية مدتها 18 شهراً، وأعلن تأييده للسلطات الجديدة بقيادة أحمد الشرع، لكن قام الائتلاف بحل نفسه فيما بعد، إذ لم يعد له أي دور يلعبه في ظل العهد الجديد. وصرح سمير سطوف منسق المؤتمر الوطني إنه لن يتم دعوة لجنة التفاوض والائتلاف، وصرح الرئيس أحمد الشرع أن أعضاء الائتلاف مرحب بهم كأشخاص فقط لمن يرغب في ذلك، وهذا ما اختاره بدر جاموس وأنس العبدة ليكونا عضوين في لجنة الانتخابات.
رياض معسعس