هند رجب، الطفلة المحاصرة في سيارة عائلتها في حي تل الهوا جنوب غزة، محاطة بجثث أقاربها، تخاطب العالم عبر الهاتف بصوت مرتجف: «أنا خايفة، تعالوا خدوني». التسجيل الذي بثّته جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني حينها هزّ الضمير الإنساني حول العالم. هذه الفتاة الصغيرة المستغيثة بعد قيام جنود الاحتلال بقتل ذويها جسدت بصرخاتها، وبإجرام الدولة المارقة قاتلة الأطفال المأساة الفلسطينية بكل أبعادها. شعب يستغيث بالعرب، وبملياري مسلم، وبكل العالم "الحر"، والكل صامت صمت القبور على إبادة شعب. لكن هذا الصوت المستغيث قبل أن يختفي إلى الأبد بعد أن أصيبت هند بأكثر من مئة رصاصة كان صرخة الألم في ضمير كل حي لقد اختارت المخرجة التونسية كوثر بن هنية التي أخرجت فيلما رشح اليوم لنيل جائزة الأسد الذهي في مهرجان فينيسيا السينمائي أن تجعل الصوت قلب الفيلم، محوره وبوصلته. الفيلم بحد ذاته وثيقة جنائية تدين الإجرام الصهيوني قاتل الأطفال، الكلمات وحدها كافية. ارتعاشة الصوت، وأنفاس الطفلة، وصدى الرصاص في الخلفية، الصوت والصورة في هذا الفيلم تنتصران على الرصاص، بل تضعان العالم أجمع كمشاركين الجريمة (في فرنسا هناك قانون يجرم أي شخص لا يمد يد العون لشخص في خطر) فكيف يمكن لمجتمع دولي يشاهد يوميا الصور الحية لجرائم الدولة المارقة المعربدة لقتل الأطفال قصفا وتجويعا وتدميرا وكأن المشاهد تدور في كوكب أخر؟ كيف لدولة محتلة تقوم بإبادة شعب وتهجيره من مدنه وأرضه ولا أحد يردعها؟ إن هند رجب هي واحدة تصل إلى العالمية عبر السينما، هناك عشرات آلاف هند رجب يمكن أن تجسد قصصهم في أعمال درامية تشهد على وحشية الصهيونية العالمية، وعلى مسؤولية الغرب وعلى رأسه الولايات المتحدة التي تزود الدولة المجرمة بكل وسائل الإجرام. إنها مسؤولية الأنظمة العربية الذين ألقوا أخاهم في الجب ونسوه ويتهمون الذئب الإسرائيلي، والمسلمين جميعا الذين نسوا قول نبينا الكريم:"أنصر أخاك ظالما أو مظلوما".