رحم الله أبو الطيب المتنبي الذي قال يوما بفخر: الخيل والليل والبيداء تعرفني والسيف والرمح والقرطاس والقلم. وهذا الفخر لم يكن كاذبا فقد دفع ثمنه في مواجهة مع إعدائه بدمه دفاعا عن هذا البيت. لنتأمل قليلا في حالنا هل نحن السوريين بشكل خاص والعرب بشكل عام نستحق أن نفخر بأنفسنا بين الأمم؟ وهل فخرنا مبرر إذا فخرنا وكنا من المدافعين عنه كما فعل شاعرنا الذي كان يهز قلعة حلب بأشعاره؟ نحن أمة العرب من المحيط إلى الخليج ال لا نقوى على ردع دولة الاغتصاب والاحتلال من انتهاك أراضينا ومقدساتنا، وشرفنا، ونحمي أطفالنا ونساءنا من القتل والتنكيل، وديارنا من التدمير؟ هل يعقل أن نتلقى كل يوم القنابل على رؤوسنا في لبنان، وفي غزة، وفي الضفة، وفي سوريا، وفي اليمن، ونحن صاغرين، صامتين، وجيش شذاذ الآفاق يعربد في أجوائنا، وأراضينا؟ هل تحول العرب إلى أمة واهنة أكثر وهن بيت العنكبوت؟ بالأمس ثرنا نحن السوريين ضد طاغية جبان فار، واليوم لا نواجه دولة مارقة تحتل أراضينا وتقتل أبناءنا وتهدم بيوتنا، في تقرير لوول ستريت جورنال الامريكية تقول بعد زيارة للمناطق المحتلة في جنوب سوريا:"
في قلب قرية الحميدية السورية، أنشأت القوات الإسرائيلية حديثا برج مراقبة، تحرسه دبابات ميركافا وجنود يؤدون خدمتهم العسكرية الإلزامية
يخرج الجنود الإسرائيليون في دوريات بالنهار، يفتشون السكان، ويفرضون ليلا حظرا للتجوال
على أطراف القرية، تمتد جرافات ضخمة لبناء حواجز ترابية، بعضها فوق أراضي يملكها السكان.
فالقرية الواقعة قرب الحدود الإسرائيلية، لم تعد السلطة فيها بيد الفصائل المسلحة التي أطاحت قبل أشهر بنظام حكم الأسد الذي دام نصف قرن، ولا في يد الميليشيات المنتشرة جنوب دمشق بعد انهيار نظام الأسد في ديسمبر الماضي، سارعت إسرائيل إلى ملء الفراغ، فاستولت على مناطق منزوعة السلاح كانت تُشرف عليها الأمم المتحدة لعقود، وأقامت نقاطا عسكرية ومواقع مراقبة ومنذ فبراير وحده، شن الجيش الإسرائيلي 89 توغلًا بريًا و29 ضربة جوية ومدفعية في جنوب غرب سوريا، إضافة إلى 35 غارة في مناطق أخرى، بحسب المحلل السوري تشارلز ليستر. هذه العمليات رافقها تضييق على سكان القرى، ومنعهم من الحركة، والاعتداء على ممتلكاتهم، وحتى تقييد مراسم الجنازات.
إسرائيل بنت سلسلة من النقاط العسكرية تمتد على مساحة 150 ميلا مربعا، وتشرف على حدود طولها 50 ميلا مع قرى الجولان وشمال إسرائيل وزير الدفاع الإسرائيلي أعلن أن الجيش سيبقى في هذه المناطق "إلى أجل غير مسمى"، فيما طالب نتنياهو النظام السوري الجديد بنزع السلاح في الجنوب.
في الحميدية، طلب الجنود من السكان إخلاء منازلهم لأيام لتفتيشها ومصادرتها عاد بعضهم ليجد بيته مدمرا أو مغطى بكتابات عبرية..
هذا ما أوردته الصحيفة الامريكية، فهل باتت سوريا العظيمة ممرا مفتوحا أرضا وسماء للصهاينة كما في غزة العزة، والضفة، وجنوب لبنان، واليمن؟ الجواب عند المتنبي الذي سيقول لنا لو كان حيا:
لا الخيل ولا الليل ولا البيداء تعرفكم ولا السيف ولا الرمح ولا القرطاس ولا القلم.
يا حيف.