سوريا الجديدة : حين تنبت الحياة في ظل الحرية

شابة من القصير ترسم جداريةعلى حائط بعد تنظيفه
شابة من القصير ترسم جداريةعلى حائط بعد تنظيفه


مع بزوغ فجر الحرية في سوريا من جديد ، شهدت البلاد تحولاً نوعياً في النشاط المجتمعي والعمل المدني .

فقد بات الشباب، الذين لطالما عانوا من قيود الماضي، متحمسين لتقديم ما يستطيعون لاعادة بناء بلادهم ، يتجمعون باندفاع وهمة لتجسيد أفكار ومبادرات تلامس احتياجات الناس وتعيد رسم ملامح الحياة في المدن والقرى.

ويتقاطر السوريون والسوريات عائدين الى مدنهم وقراهم يحملون خبراتهم التي جمعوها في المهاجر وتدفعهم عزيمة لا تلين أمام ما يجدونه  من صعوبات سببها تراجع الخدمات في البلد المنهك المدمر.

ديناميكية العمل المدني: من فكرة إلى إنجاز

في سوريا الجديدة، لم تعد المبادرات مجرد أحلام تراود عقول الشباب، وتتحطم في سلسلة الروتين والموافقات الامنية والواسطات والرشاوي .. بل أضحت واقعاً ينبض بالحياة: فكرة بسيطة تنبثق من أحد أبناء البلد تتحول سريعاً إلى مشروع حقيقي ..تتكون الفرق التطوعية ويشارك الشباب والشابات بمشاهد تفرح القلب يدأ بيد ومن يستطيع بعفوية وهمة وسرعة ، يرافقهم دعم المواطنين المتحمسين منمختلف الاعمار .

ورغم غياب التنظيم والتنسيق الكامل أحياناً، ورغم مظاهر العشوائية باتخاذ قرارات أولويات الاعمال إلا أن هذه الديناميكية المجتمعية تُظهر قدرة الناس على العمل بروح الجماعة، مما يؤدي إلى إنجازات لافتة، في بلد يحتاج كل شيء .

مشاهد من التغيير

تتنوع المشاهد التي تُبرز هذا الحراك المدني:

تنظيف نهر بردى : فرق تطوعية عملت على تنظيف جزء منمجرى نهر بردى وصلت الى 36 فريق وحوالي 1500 متطوع ، شاركتهم بلدية محافظة دمشق عملوا جاهدين على إزالة الاوساخ والمخلفات والتلوث واستعادة رونق مجرى النهر في منطقةمهمة من المدينة.




إعادة تجهيز المشافي: عبر مبادرات مجتمعية وطبية قامت بتنظيف مشافي المواساة والمجتهد بمختلف الاقسام والعمل جار على سد النقص من التجهيزات والمعدات الطبية وتُعيد بناء المرافق الصحية وتزودها بما يلزم لخدمة المواطنين بمبادرات من ابناء سورية في ألمانيا و أميركا وكندا وغيرها من البلدان التي فر السوريون إليها من طغيان الفئة الحاكمة فيه . ولا أعرف مدى التعاون مع وزارة الصحة ولكن الادارة الجديدة التي ترى أن هذا البلد للسوريين وأنهم جديرون بالعمل على تحسينه وتنميته.

 زراعة الساحات: حملات تشجير بمبادرات من السكان والمجتمع المدني في حي الجميلية في حلب وساحة الامويين في دمشق بالاضافة الى الامبادرات في حمص وحماه لتنظيف الشوارع وازالة التلوث البصري على جدران الشوارع ومن الساحات وكلها مبادرات فردية لم تغط الاحتياج الاساسي وإنما تحاول أن تُعيد الجمال إلى الاماكن العامة وتجعلها مساحة خضراء نابضة بالحياة.

مبادرات طبية في بعض المناطق والاحياء مثل مبادرة أطباء جوبر حيث تداعى عددمن الاطباء والصيادلة في حي جوبر من ذوي الاختصاصات لتشكيل الية لتقديم خدمات طبية تطوعية لأهل الحي وهي جهود طبية تطوعية تجمع الكوادر لإنشاء مراكز صحية تخدم الأحياء وتعزز الدعم الصحي للمجتمع.


 إعادة تأهيل الجدران: شباب ينظفون الشوارع ويزيلون الكتابات المشوهة، ليعيدوا للمدن مظهرها الحضاري. تعليم الأطفال العائدين: ولعل أجمل ما في تلك المبادرات ، المبادرات التي تهدف الى مساعدة الاطفال وتقديم مساهمات فاعلة في تعليمهم وإنشاء مساحات آمنة لبناء شخصيتهم كما فعل أبناء القصير بمبادرتهم لتعليمالاطفال العائدينمن لبنان وتعويض الفجوة التعليمية التي يعانون منها ، حيث يتلقون التعليم ويرتبطون من جديد بثقافتهم وجذورهم.

 الحرية: بيئة محفزة للإبداع

هذه الإنجازات، التي لم تكن ممكنة في الماضي بسبب القيود البيروقراطية والإجراءات المعقدة، والقبضة الأمنية الضاغطة التي تمنع التجمع والنقاش وحتى التفكير في تقديم اي مبادرة ..هذه الانجازات أصبحت اليوم واقعاً ملموساً. الحرية التي تنفسها السوريون أعادت إليهم الأمل والإرادة، وجعلتهم قادرين على تقديم ما كانوا يحلمون به لبلدهم بعيداً عن الخوف والتردد والعوائق التي كانت تقف في طريقهم.

نحو مستقبل أكثر إشراقاً

• سوريا الجديدة ليست فقط بلداً يتحرر من قيود الماضي، بل هي وطن يُعيد بناء نفسه بسواعد أبنائه. هذا التحول لا يقتصر على الإنجازات المادية، بل يعكس إحياءً للروح المجتمعية التي كانت مكبوتة لعقود. ومع استمرار هذا الزخم، تبدو آفاق المستقبل مليئة بالأمل والفرص.

• في سوريا الجديدة، الحرية ليست مجرد كلمة، بل حياة تُعاد صياغتها بإرادة شعبٍ قرر أن ينهض من بين الركام ليصنع وطناً يستحق أن يُعاش.