رغم التحديات الأمنية واللوجستية المعقدة التي تحيط بالانتخابات التشريعية السورية المقبلة، سجلت النساء حضورًا لافتًا في مرحلة الترشح بنسبة وصلت إلى 14%، ما يفتح باب النقاش حول فرص تمثيل المرأة في برلمان يفترض أن يعكس سوريا الجديدة بعد انهيار نظام الأسد.
ما يميز هذه الدورة الانتخابية هو فتح باب الترشح أمام شرائح واسعة من السوريين، سواء من المقيمين داخل البلاد أو من المهجّرين في الخارج، وهو ما أعطى زخمًا شعبيًا لهذه الانتخابات رغم المخاوف من انعدام التمثيل الكامل في بعض المناطق الخارجة عن السيطرة.
من بين المرشحات، تقدّمت عدد من الزميلات اللواتي عرفن بمواقفهن المدنية والحقوقية، وتاريخهن في العمل المجتمعي، وخاصة في مجالات الإغاثة والدعم النفسي خلال سنوات الحرب. ويمثل ترشحهن رمزية قوية لتحوّل دور المرأة من العمل خلف الكواليس إلى المشاركة في صناعة القرار.
لكن رغم هذا التقدّم الرمزي، لا تزال هناك تحديات بنيوية حقيقية تعيق وصول النساء إلى قبة البرلمان:
استمرار النظرة الذكورية في بعض المناطق،
ضعف الدعم السياسي والمالي للمرشحات المستقلات،
وغياب أي صيغة قانونية لضمان التمثيل النسائي (مثل الكوتا)،
كلها عوامل تجعل من الصعب ترجمة هذه النسبة إلى مقاعد فعلية.
في هذا السياق، يرى مراقبون أن أي فوز تحققه امرأة سورية في هذه الانتخابات سيكون إنجازًا سياسيًا ومعنويًا، يعكس تغيّرًا تدريجيًا في وعي الناخب السوري، ويؤسس لحضور نسائي أقوى في الحياة السياسية مستقبلاً.
كما أن الدعوات لتغيير اسم "مجلس الشعب" إلى مسمى جديد، كما طرحته اللجنة العليا للانتخابات، قد تكون فرصة لفتح نقاش أوسع حول إعادة صياغة مفهوم التمثيل الشعبي، ليشمل التنوع الجندري والاجتماعي والسياسي.
وختامًا، إذا أردنا أن تبني سوريا الجديدة على أسس شراكة حقيقية، فإن تمكين النساء سياسيًا يجب ألا يُنظر إليه كمجرد إضافة تجميلية، بل كعنصر أساسي من عناصر العدالة والتمثيل الديمقراطي.