في الخامس من أكتوبر/تشرين الأول 2025، تستعد سوريا لانتخابات مجلس الشعب الأولى منذ سقوط النظام السابق في ديسمبر/كانون الأول 2024. هذا الموعد يكتسب أهمية خاصة، ليس فقط باعتباره محطة سياسية جديدة، بل لأنه يأتي في إطار مرحلة انتقالية لم تتضح معالمها النهائية بعد.
النظام الانتخابي المعتمد بموجب المرسوم الرئاسي رقم 142 يختلف جذرياً عن تجارب الاقتراع السابقة في البلاد. فالانتخابات ستُجرى بشكل غير مباشر، حيث تختار هيئات محلية تشكّلها لجان فرعية 140 عضواً من أصل 210، فيما يُعيّن رئيس المرحلة الانتقالية الأعضاء السبعين المتبقين. وبذلك، يجمع المجلس بين التعيين والانتخاب، في صيغة وُصفت بأنها مؤقتة ومرتبطة بظروف ما بعد الحرب.
من الناحية العملية، يعكس هذا النظام محاولة للتوفيق بين الحاجة إلى انطلاق حياة سياسية منظمة وبين غياب مقومات الانتخابات المباشرة الكاملة، مثل السجل الانتخابي الشامل أو البنية التحتية الملائمة. ولهذا أعلنت اللجنة العليا أن الهدف هو تشكيل مجلس تشريعي يضم في معظمه أكاديميين وخبراء، إلى جانب شخصيات مجتمعية مرموقة، ليعمل لثلاث سنوات تنتهي مع إقرار دستور جديد.
مع ذلك، تتباين الرؤى حول معنى هذه الخطوة. فبينما يعتبرها البعض بداية مسار سياسي يفتح المجال تدريجياً أمام مشاركة أوسع، ينظر إليها آخرون كترتيب إداري ضروري لإدارة المرحلة الانتقالية أكثر مما هي تجربة ديمقراطية مكتملة الأركان.
أهمية هذه الانتخابات لا تكمن فقط في تشكيل برلمان انتقالي، بل في أنها تمثل تجربة أولى في سوريا ما بعد النظام السابق. فهي اختبار لمدى قدرة المؤسسات الانتقالية على خلق مساحة منظمة للنقاش السياسي والتشريعي، وفي الوقت نفسه فرصة لمراقبة كيف ستُدار العلاقة بين السلطات المختلفة خلال هذه المرحلة الحساسة.
قد لا تجيب الانتخابات المقبلة على كل الأسئلة المتعلقة بمستقبل الحياة السياسية السورية، لكنها تضع علامة فارقة في مسار الانتقال: خطوة أولى تُقاس أهميتها بقدرتها على فتح الباب أمام خطوات لاحقة، أكثر رسوخاً وتمثيلاً للسوريين.