سوريا أولاً

اقتربت زيارة أردوغان لسوريا، وربما قريباً نرى أردوغان يصلي في الجامع الأموي، ولا شك أن وزير خارجيته الذي احستى الشاي التركي على قاسيون، حضّر لهذه الزيارة وبرنامجها، وأنّ تركيا تدعم بكل ثقلها الان سوريا لتحصن موقعها الإقليمي جيّداً، وتنهي ملف البكي كي على حدودها الجنوبية، وتتحكم مستقبلا بملف الطاقة الذي يشغل أوروبا والعالم!!

تركيا تشتغل سياسة خالصة، وأعتقد أنها كانت لتقبل بالأسد لو الأخير استجاب لرغباتها ولم يتفهمن، ويتكئ على محورين منهكين روسيا وإيران!

ما أريد قوله: يجب على أيّة حكومة جديدة الان أن تتطلع لمصلحة الشعب السّوري أولاً .. سوريا أولاً وأولاً وأن تعيد ترتيب السياسات المتقاربة من الجميع لاسيما الخليج العربي، وأن تكون على مسافة واحدة من الجميع.

إن تركيا، التي تملك دورًا محوريًا في نقل الطاقة من شرق البحر الأبيض المتوسط إلى الأسواق الأوروبية، تسعى إلى تعزيز شراكاتها الاستراتيجية مع الدول الأوروبية، وهو ما يساهم في تقليل الاعتماد على مصادر الطاقة التقليدية ويعزز من تنوع إمدادات الطاقة في المنطقة. وفي الوقت نفسه، تشهد سوريا تحولات كبيرة، حيث تخلّصت من سنواتِ القمعِ و الدكتاتورية والاضطهاد، والانغلاق الإقتصادي، ما يفتحُ المجالَ أمام الحكومة الجديدة لإعادةِ التفكير في سياستها الداخلية والخارجية.


إن السؤال المهم الآن هو كيف يمكن للسلطات السّورية الجديدة أن تستفيد من هذه التفاهمات السياسيّة والاقتصادية في سياق عملية إعادة الإعمار وبناء الدولة؟ الجواب يكمن في تبني مبدأ "سوريا أولاً"، الذي يجب أن يكون أساساً لعمل الحكومة الجديدة، فعلى سوريا الجديدة أن تنفتح على الفرص الاقتصادية، وتضع في أولوياتها تطوير قطاعي الطاقة، والإقتصاد، بالتوازي مع بناء علاقات دبلوماسية متوازنة مع تركيا والدول الأوروبية، ودول الخليج، وهذا يشمل العمل على تطوير البنية التحتية للطاقة داخل سوريا، من خلال الشراكات الاستراتيجية مع هذه الدول "جميعها"، لتوفير الطاقة المحلية التي تساهم في تعزيز التنمية الاقتصادية.

لكن في المقابل، يتعين على الحكومة السورية الجديدة أن تضع نصب عينيها مصلحة الشعب السوري في المقام الأول، وأن تتجنب الوقوع في فخ الاستثمارات السياسية التي قد تؤثر سلبًا على سيادة البلاد. يجب أن يكون الخيار في تحسين الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية موجهًا لخدمة السوريين أنفسهم، وليس لتنفيذ أجندات خارجية قد تضر بمستقبلهم.

من هنا، يمكن القول إن التفاهمات السياسية المتزنة، والمسافة المتقاربة من الجميع حول الطاقة، وملفات الاستثمار، وإعادة الإعمار بعد ضبط الأمن تمثل فرصة ذهبية لسوريا، بشرط أن تكون الحكمة والتخطيط الاستراتيجي حاضرين في اتخاذ القرارات. وبالتالي، فإن على الحكومة السورية الجديدة أن تتعامل مع هذه التفاهمات بما يخدم مصلحة الشعب السوري، وأن تضع ضمن أولوياتها تحقيق التنمية المستدامة التي تعزز من استقلالية سوريا، وتعزز مكانتها في النظام الدولي.