تفاجأ ملايين المشاهدين في أنحاء العالم العربي بتقرير بثته قناة "إم بي سي" لمراسلها محمد المشاري تحت عنوان:"ألفية الخلاص من الإرهابيين" تطرق فيه إلى قادة حركة حماس ووصفهم "بالإرهابيين" من فيهم زعيم حركة حماس يحيى السنوار الذي ارتقى بعد ملحمة بطولية مع قوات الاحتلال في تل السلطان في رفح.. هذا التقرير أثار ضجة كبيرة على مواقع التواصل الاجتماعي حيث تم الهجوم على المراسل والقناة التي قامت ببثه، بل قام محتجون من المقاومة العراقية بافتحام مكتب القناة في بغداد وقاموا بتحطيم معدات المكتب وإضرام النار فيه. بعد هذه الانتقادات والاحتجاجات وخاصة من حركة حماس نفسها قام المشاري بحذف حسابه على كل وسائل التواصل، وأثار هذا التقرير تساؤلات إن كان يمثل موقف المملكة العربية السعودية مالكة القناة. السلطات السعودية وإزاء هذه الفضيحة الإعلامية أحالت عدة موظفين في القناة للتحقيق وقامت بحذف التقرير. وهنا لا بد من توضيح بعض الأمور المتخذة في آلية بث مواد الإعلام المرئي، وكيف تتم تراتبية اتخاذ القرارات في تحضير وتكليف وتدقيق وبث المواد على الشاشة.
أولا: إن لكل وسيلة إعلامية مهما كان شكلها من صحافة مكتوبة، أو مسموعة، أو مرئية، لها خط تحريري تلتزم به، وتأمر كل العاملين فيها باحترامه وتطبيقه بدقة. وكل مخالف يفصل مباشرة من عمله.
ثانيا: لا يمكن لمراسل أن يقوم بإعداد تقرير من نفسه، بل من طلب من رئاسة التحرير، حتى لو كان لديه اقتراح ما فإنه يعود إلى رئاسة التحرير لأخذ الموافقة. وهذا يعني أن هذا التقرير إما تم تكليف المراسل بإعداده من قبل رئيس التحرير وتمت مناقشة محتوياته مسبقا، أو أن المراسل قام بإعداده دون طلب من رئاسة التحرير، وعلى كلا الحالتين فإن رئيس التحرير مسؤول عن مراقبة كل مادة إخبارية تعرض على الشاشة وخاصة مثل هكذا تقرير من شأنه أن يثير حساسيات كبيرة وانتقادات لاذعة وردود فعل غير متوقعة.
ثالثا: يجب الإجابة على السؤال: لماذا تم إعداد وبث مثل هذا التقرير بعد ارتقاء يحيى السنوار وهو يقاتل إلى آخر رمق وحظي بإعجاب وتقدير ملايين العرب وحتى الأجانب الذي شبهه أحدهم بتشي غيفارا الفلسطيني. المسألة فيها الكثير من التساؤل والاستغراب، خاصة وأن تغطية حرب غزة في القنوات السعودية وخاصة "العربية" لم تكن على مستوى الحدث وواجهت انتقادات كثيرة لمحتوى تغطياتها الذي لا يعكس تعاطفا مع حركة حماس.
لقد آظهر يحيى السنوار فصلا من فصول التفاني في القضية الفلسطينية ومواجهة العدو الصهيوني حتى الرمق الأخير وهنا أشير إلى ما قاله محمد سامي أبو طه صاحب المنزل الذي لفظ فيه قائد حماس أخر نفس وهو يواجه العدو:" تحصن السنوار في منزل يعود لعائلتنا أبو طه وارتقى مجاهدا مدافعا حتى آخر نفس، يا فخرنا به وبكل من سار على هذا الدرب فداء للحق، ولذلك الطريق تهون أرواحنا وبيوتنا وكل ما نملك".