قصة "شام" و الذئب

شعاع أمل سطع في سماء السوريين كاد أن ينطفئ بجرائر جرائم النظام الذي عهدها السوريون، وخصوصاً مع بداية الثورة السورية.

الطفلة المبدعة "شام البكور" التي أطلت علينا بنور أثلج روحنا المحترقة، وأفرح قلبنا.

شام هي غرسة أمل في أرض مازالت تُحرَثُ بالحديد والنار، في أرضٍ ارتوت بدماء الأبرياء العزّل، وبدماء الأحرار الذين ثاروا على نظامٍ مستبدٍ قمعيّ همجي.

غرسةُ أمس.. باتت اليوم فوّاحة، يُنشَرُ عبيرها أًصقاع العالم العربي،

زهرة من أطفال سوريا الثورة ... الأطفال الذين أطلقوا شرارة هذه الثورة وكانوا أول شهدائها وكانوا أجمل أيقوناتها كحمزة الخطيب وتامر الشرعي.


لم يتوانَ هذا النظام عن استغلال نجاح هذه الطفلة لنسبِها إلى انجازاته العظيمة، لتلميع صورته القبيحة، 

وهو يعرف حق المعرفة أنه من يتّمها وقتل أبيها وهي طفلة رضيعة.

نعم "شام البكور" هي "ابنة الشهيد" محمد صبحي البكور، طالب الهندسة، الذي استشهد من جرّاء قصف النظام السوري، استهدف تمركز الثوار بمطاحن الحبوب في “خان طومان” في 20 كانون الأول عام 2015.

هذه البطلة هي ابنة الأتارب في ريف حلب، كانت طفلةً رضيعة عندما استشهد والدها، وهاهي اليوم تبلغ سبع سنوات وباتت نجمةً عربية، استحقت تكريماً من قِبل نائب رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، حاكم دبي – الشيخ/ محمد بن راشد آل مكتوم، راعي مسابقة "تحدي القراءة العربي"، التي شارك فيها أكثر من 22 مليون طالب وطالبة من 140 دولة. وليس ثمّة شكٍ في أنّ هذا الإنجاز العظيم هو ثمرة موهبة "شام"، وجهود "أم شام" ، فالبطولة والإبداع لا تأتي بعصا سحرية، بل هي حصيلة سهر وتعب وجدّ وعمل.


من الممكن استيعاب هذا الإنجاز العظيم رغم صُغر سنّ صانعته، 

لكن ما لا يمكن فهمه - استغلال الطفولة واغتصاب البراءة، الذي تجلّى في إصرار عبيد النظام على تلقين "شام" كلمة الإهداء!

فعندما سألت المذيعة "شام":

- لمن تهدين هذا الفوز يا "شام"؟

أجابت بكل براءة:

- لقائد الوطن الدكتور بشار حافظ الأسد!!!

علماً أن عبيد النظام يعرفون من تسبّب بـ يُـتْـمِ وشقاء هذه الطفلة، ومئات الآلاف من أقرانها، ومع ذلك قرروا استغلال هذا المنبر الثقافي الدولي لتصوير رأس النظام على أنه راعي الطفولة!

فهل هناك ساديّة أفدح من هذه؟؟


من المؤكد أنّ نفاقَ هذا النظام لا يمكن أن ينطلي على عاقل، إذ يعرف القاصي والدّاني أن النظام الأسدي هو من اعتقل أطفال درعا (في بداية ثورة الحرية والكرامة) ونكّل بهم حتى الموت، ثم سلّمهم لأهاليهم جثثاً تقشعر لمنظرها الأبدان.

معتقلات النظام الأسدي تضمّ آلاف الأطفال، الذين إما اعتقلوا، أو ولدوا هناك، وما زالوا يقبعون هناك دون شفقة ولا رحمة.

النظام الأسدي هو من حرم الأطفال من التعلم، ورمى بهم إلى الشوارع، مشردين فقراء، يبحثون في القمامة عن لقمة عيش.

النظام الأسدي لم يكتفِ بسرقة أحلام ومستقبل أطفال سوريا، بل سرق حياة الكثيرين منهم، وها هو اليوم يسرق إنجازاتهم، ويتخذ منها قناعا يخفي خلفه وجهَه القبيحَ الشرير، وأنيابَـه التي تـقْـطـر منها دماؤهم.


شام لن تنطلي عليها رواية الذئب، و ستثمر هذه الغرسة في سوريا الحرة الجديدة مع أقرانها الأبطال الذين صنعوا من مأساتهم سُلّماً للوصول إلى المجد والعلياء.