إنصاف ... المنصف

الرئيس التونسي السابق المنصف المرزوقي
الرئيس التونسي السابق المنصف المرزوقي


تقوم الثورات لتحقيق تغيير جذري من أجل حياة أفضل ترتقي الى الإنسانية، فبالثورات تتبدل الأنظمة، وتُفرض قوانينُ جديدة، وتؤسسس الدول، ثم تتحقق الأهداف التي من أجلها قامت الثورة.

لكن تحقيق أهداف الثورات لا يتم إلا بعد سلسلة من الاخفاقات، والكثير من الأثمان. ولكل ثورة رجالها، وهنا نذكر أحد رجالات الربيع العربي، الرئيس التونسي السابق " محمد المنصف المرزوقي" .

ورث المرزوقي النضال عن أبيه، وأكمل مشواره في نضاله في حقوق الانسان الذي حرمه من دخول تونس في عهد زين العابدين بن علي لأنه كان ضد ديكتاتوريته في حكم تونس.

درس منصف المرزوقي الطب، وكان يسارياً ثم تبنى في ما بعد أفكار الديمقراطية وحقوق الإنسان فترأس اللجنة العربية لحقوق الإنسان، ونشر العديد من المقالات والدراسات التي طالب فيها، وعلى مدى عقود، بالإصلاح والحرية والديمقراطية. وتوصل مبكراً إلى قناعة مفادها أن "أنظمة كهذه لا تُصلِح ولا تَصلُح". لقد كانت هذه مقولته الشهيرة...لذلك كان لا بد من التغيير.

بعد هروب زين العابدين بن علي، في بداية الثورة التونسية، تم التوافق بين الأحزاب والقوى الثورية على الدكتور منصف المرزوقي، ليكون رئيساً للبلاد.

الرئيس المرزوقي وخلال فترة رئاسته بذل كل جهده لجمع شمل التونسيين وحقن دمائهم، والحفاظ على أمن واستقلال البلاد. وخلال فترة ولايته تم وضع أول دستور لتونس الجديدة.

لم يكن المرزوقي صاحب أقوال وشعارات فقط بل كان مناصراً لقضايا الشعوب العربية، وعلى رأسها القضية الفلسطينية..

وفي ما يتعلق بالثورة السورية، أيّد الدكتور منصف المرزوقي حق الشعب السوري في الحرية والديموقراطية والكرامة: وصرح "إن القمع هو الذي دفع بالسوريين للثورة. وتونس لا يمكنها أخلاقيا وسياسياً إلّا أن تساند ثورة الشعب السوري".

ورغم أن المرزوقي اتخذ موقفاً رافضاً لعسكرة الثورة السورية، إلا أنه وجّـه بمعاملة اللاجئين السوريين إلى تونس معاملة كريمة وحسنة، وبتسهيل ظروف إقامتهم ببلاده. ناهيك عن أنه فتح أبواب قصره لاستقبال بعض العائلات السورية المهجّرة.

وعندما آن أوان الرحيل، احترم الرئيس المرزوقي نتائج الانتخابات، وسلّم السلطة لمن اختاره الشعب من بعده، وعاد – كمواطن تونسي عادي – إلى مواصلة النضال في سبيل حرية ورفعة الشعب التونسي، والشعوب العربية.

والشعب السوري لا ينسى قراره بقطع العلاقات الدبلوماسية مع نظام دمشق ووقوفه إلى جانب الشعب السوري.

رجل ذو فكرٍ متوازن عميق، يسعى لتيار عروبي ثقافي غير مؤدلج ونظام ديمقراطي يرتكز على ضمان الحقوق المدنية و السياسية للمواطنين .

إن هذا الرجل المناضل من قلائل الرجال المناضلين من أجل حرية الشعوب ضد الديكتاتورية، والقرارات التعسفية، واحترام حقوق الانسان، وهذا ما حاول ان يحققه في تونس بعد نضال طويل ويستحق من أجله كل التقدير والإنصاف .