لم تكمل نهلة العثمان عمرها الملائكي حتى ماتت في قفص تعذيبا وجوعا. لم تعرف من الدنيا سوى أب ظالم جائر، وأم غائبة. دنياها انحصرت في مربع على قدر حجمها أرغمها والدها على البقاء فيه كحيوان في حديقة حيوانات. يؤذيها جسديا، وتنام طاوية على جوع. ذنبها أن خليلة أبيها لا ترغب بوجودها. وأمها التي هربت من ظلم زوجها وتهديده المستمر لها إلى تركيا تركت الملاك نهلة لتلقى مصيرها المحتوم: الموت جوعا وتعذيبا في سجنها الصغير. نهلة هي السادسة من أبناء عصام العثمان (أربع بنات، وصبيان) الذين يقيمون في قرية كفر سجنة. الجميع يلقى نفس معاملة نهلة. في العام 2012 هرب الابن الأكبر وهو بعمر 12 سنة من بطش والده وقتل منذ سبع سنين على أيدي مجرمي النظام، جميع الأولاد يعانون من الإهمال وسوء التغذيةـ وتعذيب الأب. هذه الحالة التي لا تعتبر فريدة، بل إن معاملة بعض الأطفال السوريين لا تختلف كثيرا عن معاناة نهلة وأخوتها. فالبنت الكبرى تم تزويجها قسرا وهي مازالت قاصرا وطلقت بعد عام من زواجها، كحال الكثير من الفتيات السوريات اللاتي زوجن قصر من الفقر وتم بيعهن كسبايا لمن يرغب، الأم تناشد اليوم لإنقاذ باقي الأولاد الذين أصبحوا رهائن عند الوالد. هذه حالة من حالات كثيرة نشهدها في مخيمات اللجوء والنزوح. السوري اليوم تلقى الخبر وقام بالبحث واستطاع أن يتصل بالوالدة في تركيا ويحصل على شهادة حية منها التي أكدت أن الأب يقوم بضرب أولاده بالجنازير، ويضعهم بالأقفاص، ويمنع عنهم الطعام. ومن مهمتنا كإعلاميين هو كشف الحقيقة وعدم التستر عليها لأسباب مختلفة، إن ما حصل للملاك نهلة العثمان هو جريمة بكل معنى الكلمة، ويجب أن تأخذ العدالة مجراها، فهذه الطفلة التي لم يمكنها الدفاع عن نفسها، أو الهرب من بطش أبيها لاقت مصيرها ورحلت عن الدنيا ببراءة وهي كالموؤدة "لا تعرف بأي ذنب قتلت". الملاك نهلة يجب أن تكون أيقونة من أيقونات السوريين الأطفال الذي راحوا ضحايا الجوع والغرق والقصف والتعذيب كحمزة، وعمران، وإيلان. مئات الأطفال قتلوا من قبل النظام المجرم بالأسلحة الكيماوية، والقصف العشوائي وحتى التعذيب في أقبية مخابراته، ونهلة قتلت من أقرب الناس إليها وبهذه المعاملة لفلذة كبده لا يختلف كثيرا عن النظام. هؤلاء الأطفال، وكل الأطفال الذي لاقوا نفس المصير يجب أن لا ننساهم أبدا فهم ملائكة ثورة الحرية، ولهم قداستهم كقداسة الملائكة.