اليوم، وبعد أشهر قليلة من سقوط نظام بشار الأسد وصعود قيادة سورية جديدة، تتسارع خطوات التقارب بين أنقرة ودمشق، بالتوازي مع تصعيد إسرائيلي ضد الأراضي السورية يزداد حدة واتساعًا.
ويزور الرئيس السوري الانتقالي، أحمد الشرع، تركيا للمشاركة في منتدى أنطاليا الدبلوماسي، في زيارة هي الثانية له منذ توليه السلطة. وتأتي الزيارة ضمن جولة إقليمية تهدف إلى حشد الدعم السياسي والاقتصادي لحكومته، في ظل ضغوط دولية متصاعدة وتعقيدات داخلية لم تُحسم بعد.
تُعد هذه الزيارة ذات أهمية خاصة نظرًا لتوقيتها، وارتباطها بملفات إقليمية دقيقة، أبرزها مستقبل شمال سوريا، والتنسيق الأمني مع أنقرة لمواجهة التهديدات الإسرائيلية، خصوصًا بعد تزايد الغارات التي تستهدف البنى العسكرية والاقتصادية السورية.
في موازاة ذلك، تتردد أنباء عن تحرك عسكري في جنوب سوريا، تقوده بقايا من وحدات النظام السابق، تحت مسمى "الفيلق الثامن"، بقيادة أحمد العودة، وبدعم روسي غير معلن حتى الآن. وتشير التسريبات إلى أن هناك محاولات لفتح قنوات تواصل مع القيادات المحلية الدرزية في السويداء، في خطوة قد تهدف إلى بناء توازن أمني جديد أو تشكيل ورقة ضغط في مواجهة القيادة الانتقالية.
السيناريوهات المحتملة:
دمج الجنوب في المسار الانتقالي: في حال نجحت جهود التنسيق بين حكومة أحمد الشرع والقيادات المحلية، قد يشهد الجنوب استقرارًا مرحليًا، مع إدماجه في الترتيبات السياسية والأمنية الجديدة، وتحييد دور إيران والنظام السابق.
اندلاع مواجهة جديدة: فشل هذا التنسيق قد يدفع الأطراف إلى خيار المواجهة، خاصة إذا تحولت المنطقة إلى ساحة تصفية حسابات بين قوى إقليمية، أو منصة لردود الفعل الإسرائيلية.
الحياد الدرزي الحذر: قد تختار القيادات المحلية في السويداء التزام الحياد مؤقتًا، ريثما تتضح ملامح السلطة الجديدة. غير أن هذا الحياد قابل للتحوّل بسرعة في حال تغيرت التوازنات العسكرية على الأرض.
تبدو المرحلة المقبلة في سوريا غنية بالتحولات، لكن أكثر ما يميزها هو أن المسارات لا تُحسم في العواصم الغربية وحدها، بل باتت خيوطها موزعة بين دمشق الجديدة، وأنقرة، وموسكو، وتل أبيب. وبينما تتصارع الإرادات، تبقى الأولوية لتثبيت الاستقرار وبناء مؤسسات الدولة على قاعدة وطنية جامعة، بعيدًا عن المعادلات المؤقتة والتحالفات الظرفية.