دوامة العقوبات الغربية على دمشق التي لا تنهي .


في وقتٍ تشهد فيه سوريا مرحلة مفصلية على المستويات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، بعد انهيار نظام بشار الأسد، بدأت تتكشف أمام الحكومة الجديدة أهوال الانهيار الذي ضرب الاقتصاد ومعضلة العقوبات الغربية التي تخنق جميع مساعي اعادة احياء هذا الاقتصاد ورفع مستوى المعيشة وتحريك عجلة الاستثمار، خصوصًا مع استمرار عمليات الابتزاز السياسي الذي تتعرض له دمشق من طرف واشنطن مقابل رفع هذه العقوبات الاقتصادية.

حيث قدمّت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترمب، سلسلة من المطالب والشروط التي يتوجب على إدارة الرئيس السوري أحمد الشرع مراعاتها وتنفيذها من اجل رفع "جزئي" للعقوبات عن البلاد، مشيرة إلى انها ما زالت تراقب عمل السلطات السورية وتقييم أدائها لتبني فيما بعد موقفها بناء على ذلك. 

في إشارة بالغة الوضوح أن واشنطن مازالت مترددة تجاه موقفها من الحكونة الشرعية الحالية في دمشق، والتي تسيطر حاليًا على المؤسسات الرسمية، وعلى الرغم من أن العقوبات كانت مفروضة على نظام الأسد بسبب انتهاكات بحق الشعب السوري.

بينما تستمر واشنطن من جهة أخرى بالضغط على الإدارة السورية الجديدة، وعلى الاقتصاد السوري، وذلك بعد أن فرض الرئيس الأمريكي دونالد ترامب رسومًا جمركية جديدة على واردات الولايات المتحدة من معظم دول العالم، بما في ذلك الدول العربية. وحسب البيانات جاءت سوريا في مقدمة الدول العربية من حيث الرسوم المفروضة، حيث بلغت النسبة 41%. الأمر الذي سيحد من قدرة الاقتصاد السوري على التعافي والنمو، ويزيد من تفاقم الأزمات، في الوقت الذي تحتاج فيه البلاد للمساعدة من اجل التعافي بعد 14 سنة من الحرب.

ويرى الخبير السياسي والاقتصادي، محمد الكريم أن التعويل على الدول الغربية في استعادة سوريا لاستقرارها وبناء اقتصادها خطأ فادح، خصوصًا وأن البلطجة السياسية التي تمارسها واشنطن تجاه سوريا لم تتوقف منذ سقوط نظام الأسد.

وأضاف الكريم، أن الدول الأوروبية وأمريكا سويةً لم تتعامل مع الانتهاكات الصارخة التي تمارسها اسرائيل في الجنوب السوري، واحتلالها لأجزاء واسعة من مناطق الجنوب في خرق فاضح للقانون الدولي، بل على العكس تحظى اسرائيل بدعم كامل من واشنطن في سياساتها.

ولفت إلى أن دمشق يجب أن تنحاز تمامًا وتعوّل في تشكيل حلفائها على الدول الصديقة والاعتماد عليهم، سواءًا من الدول العربية كالمملكة العربية السعودية أو قطر أو من الدول الأجنبية كتركيا وروسيا، خصوصًا وأن هذه الدول أرسلت بوادر حسن نية وإشارات ايجابية لدمشق منذ استلام المعارضة مقاليد الحكم، لتعزيز التعاون والمساهمة في إعادة بناء سوريا، وأكدت مرارًا على أهمية وحدة سوريا وسيادتها على كامل أراضيها، بدلًا من الموقف المتردد الذي تمارسه الولايات المتحدة الأمريكية و الاتحاد الأوروبي.

من جهة أخرى، قال متعاملون أوروبيون إن مشترياً حكومياً للحبوب في سوريا طرح مناقصة دولية لشراء نحو 100 ألف طن من قمح الطحين، على أن يكون الشحن خلال 45 يوماً من تاريخ منح العقد. هذا وكانت دمشق قد اشترت نحو 100 ألف طن من القمح في مناقصة سابقة. كانت أول عملية شراء كبرى في مناقصة دولية منذ وصول الإدارة الجديدة إلى السلطة في أواخر العام الماضي.

وبحسب المصادر السورية فإن سوريا بحاجة إلى 3 ملايين طن من القمح سنوياً لتحقيق الاكتفاء الذاتي، ما قد يدفع حكومة أحمد الشرع إلى اللجوء مصادر قد تكون روسية في مسألة إستيراد القمح دون الإكتراث بالعقوبات الأمريكية والغربية كما تفعل في مجال النفط والمحروقات، خصوصاً وأن روسيا تعد من واحدة من أكبر مصدري القمح في العالم، حيث يترواح إنتاج الاتحاد الروسي حوالي 90 مليون طن سنوياً حسب المختصين.

وأكد الخبير السياسي والاقتصادي، محمد الكريم أن مثل هذه الملفات ربما تدفع نحو تحسن العلاقة بين سوريا وروسيا والتي تعود جذورها إلى الحقبة السوفييتية.