فلسطينيون يكشفون انتهاكات مميتة في السجون الإسرائيلية: "إنه غوانتانامو"

أحد السجون الإسرائيلية
أحد السجون الإسرائيلية

توفي أسير فلسطيني بعد إصابته بتمزق في الطحال وكسر في الأضلاع نتيجة الضرب على يد حراس السجن الإسرائيليين. كما لقي آخر حتفه بسبب مرض مزمن لم يتلق العلاج المناسب له، بينما مات ثالث بعد صراخه طلباً للمساعدة لساعات طويلة.

كشف شهود عيان تفاصيل هذه الوفيات، وأكدها أطباء من منظمة "أطباء من أجل حقوق الإنسان" في إسرائيل الذين حضروا تشريح الجثث. وقد تم مشاركة نتائج التشريح مع العائلات وحصلت عليها صحيفة واشنطن بوست. ووفقاً للمنظمة، فقد لقي 13 فلسطينياً على الأقل من الضفة الغربية وإسرائيل حتفهم في السجون الإسرائيلية منذ 7 تشرين الأول، إضافة إلى عدد غير معروف من السجناء من قطاع غزة.

تدهورت أوضاع السجون الإسرائيلية بشكل خطير منذ هجمات حماس على إسرائيل، وفقاً لجماعات حقوق الإنسان. ووصف السجناء الفلسطينيون السابقون تعرضهم للضرب الروتيني والإساءات النفسية والجسدية، إضافة إلى الحرمان من الطعام الكافي والرعاية الطبية.

أفادت صحيفة واشنطن بوست بعد التحدث إلى 11 سجينا سابقاً ونصف دزينة من المحامين وفحص سجلات المحكمة وتقارير التشريح، أن العنف والحرمان المتفشي من قبل سلطات السجون الإسرائيلية كان في بعض الأحيان مميتاً.

بينما تركز الاهتمام الدولي على محنة المعتقلين في غزة، يشير المدافعون عن حقوق الإنسان إلى أزمة أعمق وأكثر منهجية في النظام الجزائي الإسرائيلي. تقول جيسيكا مونتيل، المديرة التنفيذية لمنظمة "هموكيد" الإسرائيلية لحقوق الإنسان: "العنف منتشر في كل مكان. إنه مكتظ للغاية. لقد فقد كل سجين التقينا به 30 رطلاً من وزنه".

اندلعت حالة من الفوضى في سدي تيمان يوم الاثنين بعد أن احتجز الجيش الإسرائيلي تسعة جنود احتياطيين لاستجوابهم فيما يتصل بإساءة معاملة أحد السجناء. واقتحم على الأقل عضو واحد من الكنيست ومحتجون من اليمين المتطرف القاعدة للتظاهر ضد اعتقال جنود الاحتياط، مما أثار إدانة من جانب الجيش الإسرائيلي.

ورداً على سؤال حول السجناء الذين ماتوا خلف القضبان منذ 7 تشرين الأول، وكذلك الاتهامات الأخرى المفصلة في هذه القصة، قالت مصلحة السجون الإسرائيلية في بيان: "نحن لسنا على علم بالادعاءات التي وصفتها، وبقدر ما نعلم، لم تحدث مثل هذه الأحداث. ومع ذلك، يحق للسجناء والمعتقلين تقديم شكوى سيتم فحصها ومعالجتها بالكامل من قبل السلطات الرسمية".

وأضاف البيان أن "جميع السجناء محتجزون وفقاً للقانون، ويتم تطبيق كافة الحقوق الأساسية المطلوبة بشكل كامل من قبل حراس السجن المدربين تدريبا مهنياً".

تدرس المحكمة الجنائية الدولية إصدار مذكرات اعتقال بحق رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يوآف جالانت بسبب سلوك إسرائيل في غزة. وحذر رئيس المخابرات الإسرائيلية رونين بار في رسالة إلى سلطات السجون في 26 حزيران من أن الظروف في سجون البلاد قد تؤدي إلى المزيد من الإجراءات القانونية الدولية.

وتقول الرسالة: "إن إسرائيل تواجه صعوبة في صد الادعاءات ضدها، والتي بعضها على الأقل مبرر". وأشارت إلى أن نظام السجون الذي بني لاستيعاب 14500 سجين كان يضم 21000 سجين، وهذا لا يشمل ما يقدر بنحو 2500 معتقل من غزة، معظمهم محتجزون في منشآت عسكرية.

واختتم بار بالقول: "أزمة السجون تشكل تهديداً للأمن القومي الإسرائيلي وعلاقاتها الخارجية وقدرتها على تحقيق أهداف الحرب التي حددتها لنفسها".

لم يستجب جهاز الاستخبارات الداخلية الإسرائيلي (الشين بيت) لطلبات التعليق على رسالة بار. لكن إيتامار بن جفير، وزير الأمن القومي اليميني المتطرف في إسرائيل الذي يشرف على نظام السجون، لم يبد أي اعتذار عن "حربه" على المعتقلين الفلسطينيين. فقد تفاخر في منشور على موقع "إكس" بتقليص وقت الاستحمام بشكل كبير، وإدخال "قائمة طعام بسيطة".

وقال إن الحل الأبسط لمشكلة الاكتظاظ في السجون هو عقوبة الإعدام. ولم يستجب مكتب بن جفير لطلب التعليق.

بالنسبة لعبد الرحمن باهاش، 23 عاماً، أصبحت إقامته في السجن بمثابة حكم بالإعدام. وأفاد شهود عيان أن باهاش تعرض للضرب المبرح على يد الحراس، مما أدى إلى إصابته بكسور متعددة في الأضلاع وتمزق في الطحال. توفي بعد حوالي ثلاثة أسابيع من تعرضه للإصابة.

وفي حالة أخرى، توفي عبد الرحمن المعري (33 عاماً) بعد تعرضه للركل من أعلى درج معدني، واشتكى من إصاباته قبل وفاته، لكن لم يتم تقديم الرعاية الطبية اللازمة له.

وتنتشر التقارير التي تتحدث عن حرمان السجناء من المساعدة الطبية في شهادات السجناء السابقين. وكانت وفاة محمد الصبار (21 عاماً) نتيجة للإهمال الطبي، حيث لم يتلق العلاج اللازم لحالته المزمنة.

وبحسب منظمة الضمير الفلسطينية، فإن عدد السجناء الأمنيين الفلسطينيين المحتجزين في السجون الإسرائيلية بلغ رقماً قياسياً في أيار الماضي، حيث وصل إلى 9700 سجين، بينهم 3380 سجيناً معتقلون إدارياً دون تهمة أو محاكمة. 

ويروي السجناء السابقون عن معاناتهم من الاكتظاظ الشديد والإهمال الغذائي، حيث كانوا يتقاسمون كميات ضئيلة من الطعام. وأفاد الصحافي معاذ عمارنة بأنه فقد أكثر من 100 رطل خلال فترة سجنه بسبب نقص الغذاء وظروف السجن القاسية.

تستمر هذه الانتهاكات رغم التحذيرات الدولية والمناشدات الإنسانية، مما يعكس أزمة حقوق الإنسان في السجون الإسرائيلية ومدى تأثيرها على السجناء الفلسطينيين.

المقال الأصلي: Palestinians recount deadly abuse in Israeli prisons: ‘It is Guantánamo’