يواصل المبعوث الأممي غير بيدرسون، محاولاته الدؤوبة لإحياء ملف اللجنة الدستورية، وسط تناقضات بالمشهد الدولي، قد يسرع بنهاياتها، حتى بجولتها السادسة التي لم يعلن توقيتها بعد، ليبقى السؤال المنتظر هل حصل المبعوث بعض الضمانات الروسية بعيد مؤتمر استانا، وقليل من التطمينات الغربية والإقليمية والعربية، ليواصل مساعيه لإنقاذ ما يمكن أن يحول دون تثبيت "المحاصصات" القائمة وترك المشهد السوري لنهاياته، غير المعروفة العواقب والنتائج.
لا توقعات ايجابية في الأفق بحسب د. إبراهيم الجباوي عضو هيئة التفاوض: "لا حلول في الأفق القريبة، وأعتقد حصول بيدرسون على أجوبة ايجابية من ضامني آستانة، قد يكون الإيجابية الوحيدة، ولكن العبرة "بالخواتيم" فحتى لو حصلت جولة جديدة سيعود وفد النظام لممارسة التعطيل والتسويف، نحن أمام نظام مستبد ولن يقبل بأي تغيير، لأن أي تغيير يعني حتما نهايته".
المبعوث الأممي إلى سورية غير بيدرسون، بحسب مصادر في المعارضة السورية يواصل جولاته ومراسلاته واقتراحاته بين وفدي المعارضة والنظام، مقترحًا لجدول أعمال الجولة السادسة من اجتماعات اللجنة الدستورية، ساعيًا بذلك إلى التوسط لكسر حالة اللا توافق الحاصلة بين النظام والمعارضة، وذلك بعد تقديم النظام مقترحين في وقت سابق، في حين قدّمت المعارضة مقترحاً مضاداً لأحدهما واعتراضاً على صياغة آخر.
عضو اللجنة الدستورية عن المجتمع المدني المحامي سليمان القرفان "لقد أرسل بيدرسون للوفود المشاركة باللجنة الدستورية، مقترحاً حول آليات العمل ضمن الاجتماع القادم من أعمال الجولة السادسة، ويتضمن المقترح أن يرسل كل طرف المبادئ الدستورية التي يتبناها قبل بدء الجولة".
أهمية الخطوة وجديدها بحسب القرفان: "سيكون جدول أعمال الجولة القادمة هو مناقشة تلك المبادئ، هذا الطرح يعتبر شيء جديد فيما يخص عمل اللجنة الدستورية، إذ أنه يعني بالضرورة الذهاب إلى نقاشات دستورية جدية، وليست كسابقاتها التي كانت تحمل عنوانين فضفاضة يقترحها الوفد المسمى من الحكومة السورية".
ويضيف عضو الدستورية: "أعتقد أن هذه الجولة ورغم اختلاف جدول أعمالها إلا أنها قد لا تختلف عن سابقاتها، رغم أنه سيتحتم على وفد النظام النقاش والدخول بمضامين دستورية وهو ما كان يحرص على عدم الخوض فيها في الجولات السابقة، ورغم تفاؤلنا بإحراز تقدم إلا أن عدم وجود سقف زمني لعمل اللجنة وإصرار النظام على إضاعة الوقت، يجعلنا نخشى من عدم إحراز الكثير في هذه الجولة أيضًا، في ظل إصرار وفد النظام على عدم قبول زيادة ساعات العمل أثناء الاجتماعات وكذلك رفضه لزيادة أيام الاجتماعات.
"ننظر إلى هذا المقترح من السيد بيدرسون، على أنه وإن كان يحمل جديداً إلا أنه لا يخرج عن نطاق الحفاظ على اللجنة الدستورية، وبث الروح فيها مجددًا على أمل الحصول على توافق دولي، فيما يخص المسألة السورية وبالتالي قيام اللجنة بدورها كاملاً آنذاك". يختتم القرفان بين التفاؤل الحذر والتمني بالتوافقات والضغط على وفد النظام.
قدم المبعوث الأممي في مقترحاته، منهجية سير الجولة السادسة، وطلب الاتفاق على أجندة الجولة التي تليها قبل نهاية الجولة السادسة، كما يُقدم المقترح تصوراً حول دور الرئيسين المشتركين للجنة، هادي البحرة وأحمد الكزبري، خلال الجولة لـ "تعزيز توافق الآراء وضمان حسن سير عمل اللجنة الدستورية".
وتناقش مقترحات بيدرسون للجولة السادسة، مضامين الجولة الواحدة، وتركز في تناول المبادئ الدستورية المقترحة من قبل الوفود، فاليوم الواحد من الجولة يتضمن جلستين، في حين يبقى اليوم الخامس من الاجتماعات غير واضح الأجندة، حيث اكتفى مقترح بيدرسون بالقول إنه "قد تسعى الهيئة المصغرة في اليوم الخامس إلى تعميق أي نقاط اتفاق مؤقت تم تحديدها في الأيام من 1 إلى 4".
ويتضمن المقترح أيضًا اجتماعَ الرئيسين المشتركين مع المبعوث الخاص "خلال اليوم السابق لبدء الدورة، وعلى مدار الأسبوع، وفقاً لما تقتضيه الحاجة لتعزيز توافق الآراء وضمان حسن سير عمل اللجنة الدستورية"، وستكون مهمة الرئيسين "تحديد قبل بدء الدورة مقترحات المبادئ الدستورية الأساسية المقترح مناقشتها في كل اجتماع، يمكن أن يقوم الرئيسان المشاركان بذلك من خلال اختيار مقترح نص واحد من المقترحات المكتوبة المقدمة من كل وفد بالتناوب".
تبدو عقدة سوريا اللجنة ومخرجاتها إشكالية تحول دون أي تقدم في دور المبعوث الدولي، رغم إشارته في الإحاطة الأخيرة لمجلس الأمن للجهة المعطلة ومطالبته بضرورة التوافق الدولي حول وجوب إنهاء الواقع المأساوي السوري، لكن المضامين في دوره وتحفيزه بدور أوسع تحول دونها التناقضات بالمشهد الدولي، إذ كرر دوما وفد المعارضة بوجوب تضمين دور الموفد الأممي إلى ما يشبه الأمين العام في اللجنة وليس الاكتفاء بدور الميسر لتجنب التعطيل المتعمد من وفد النظام السوري، لكن توسيع صلاحيات غير بيدرسون ذاته تحتاج لتوافقات جديدة في مجلس الأمن وإعادة نص التكليف الأممي وهو ما يصعب حاليا. ليبقى مراوحا بين توافقات قد تذروها رياح التناقضات السياسية الدولية.
المحامي حسن الحريري عضو وفد اللجنة الدستورية المصغرة يرى أن: "المقترح الذي وصل من قبل مكتب المبعوث الدولي يمثل تحريك للعملية السياسية شبه المتوقفة،
أما وفد هيئة التفاوض، فينظر لهذا المقترح من زاوية المنهجية التي يفترض أن تكون واضحة ومحددة بمسيرة كامل أعمال اللجنة الدستورية وليس فقط بجدول أعمال إحدى جولاتها، ذلك إن تحديد المنهجية سيؤدي بالضرورة إلى عدم ضياع الوقت الذي تم التأكيد عليه في المعايير والعناصر المرجعية لتشكيل اللجنة الدستورية".
مضيفا: "باقي بنود المقترح تمثل منهجية خاصة بالجولة ذاتها، وليست بمسيرة اللجنة الدستورية المكونة من جولات عديدة، ونحن بوفد هيئة التفاوض نطمح بزيادة أيام الجولة وزيادة عدد الساعات، لمراعاة ظروف أهلنا والأوضاع الإنسانية التي يعيشها أهل سوريا عامة".