أثارت الوثائق التي نشرتها "مجموعة العمل من أجل فلسطينيي سورية"، والتي قيل إنها تتضمن أحكام إعدام صادرة من أرشيف النظام السوري وسجن صيدنايا العسكري، جدلاً واسعاً في الأوساط الحقوقية، ما استدعى رداً تشكيكياً من "المركز الفلسطيني للعدالة (PCJ)". ويبرز هذا التباين بين الطرفين أهمية وحساسية ملف المعتقلين والمغيبين قسرياً.
التباين بين "مجموعة العمل" و"المركز الفلسطيني للعدالة"
يكمن الاختلاف الجوهري في الموقف من مصداقية وقانونية الوثائق المسربة:
موقف مجموعة العمل (التي نشرت الوثائق المسربة ):
الغاية المعلنة: تسعى المجموعة، بالتعاون مع جهات مثل "أرشيف الثورة السورية"، إلى نشر ما يصلها من وثائق مسربة لتوثيق الانتهاكات وكشف مصير المئات من المعتقلين الفلسطينيين والسوريين، معتبرة إياها دليلاً على وجود أحكام إعدام رسمية.
موقف المركز الفلسطيني للعدالة (المشكك بصحة ماتم استنتاجه):
التحفظ القانوني: يؤكد المركز أن الوثائق غير خاضعة لتدقيق قانوني مستقل ومصادرها غير مؤكدة بشكل نهائي.
مقارنة مع الأدلة الموثقة: يشير المركز إلى وجود تناقضات خطيرة، حيث لديه شهادات ناجين موثقة تثبت أن بعض الأسماء الواردة في قوائم الإعدام قد توفيت بالفعل تحت التعذيب داخل المعتقلات قبل صدور تلك "الأحكام".
التحذير من التوظيف: يركز المركز على التحذير من أن نشر هذه الوثائق قد يكون بمثابة غطاء أو "تبييض" لجرائم القتل تحت التعذيب، من خلال إضفاء طابع قانوني لاحقاً على جرائم الإبادة المرتكبة سراً في السجون.
ملاحظة حول منهجية التشكيك:
أثار بيان المركز الفلسطيني للعدالة تساؤلاً حول الآليات المنهجية المحددة التي استند إليها المركز للوصول إلى موقفه التشكيكي. فرغم إشارته إلى وجود "شهادات موثقة من معتقلين ناجين" كنقطة للمقارنة والتناقض، لم يوضح البيان تفاصيل آليات التدقيق أو الإجراءات القانونية المتبعة التي أوصلته إلى استنتاج أن الوثائق غير صالحة للاعتماد القانوني، مكتفياً بالتحذير العام والتحفظ على مصدرها.
الأهمية القصوى لكشف مصير المغيبين قسرياً
رغم الخلاف على آلية التوثيق أو صدقية الوثيقة، يبقى الهدف الأسمى هو كشف الحقيقة والعدالة لعشرات الآلاف من الضحايا:
إنهاء العذاب العائلي: إن الإخفاء القسري يمثل جريمة مستمرة تضع عائلات الضحايا في حالة من العذاب النفسي والاجتماعي، لا يعرفون معها ما إذا كان أحباؤهم أحياءً أم أمواتاً. كشف مصيرهم يمثل خطوة أولى نحو الإنصاف.
المساءلة والعدالة: إن أي وثيقة، سواء كانت صادرة من النظام أو شهادة ناجٍ، هي جزء من بناء قضية متكاملة لضمان محاسبة الجناة عن الجرائم المرتكبة ضد الإنسانية.
الحقيقة كمطلب إنساني: أكد المركز في ختام بيانه أن الحقيقة الكاملة لا تُبنى على التسريبات، بل على المساءلة والاعتراف بالمسؤولية، مشدداً على أن "الحقائق لا تتكشف بوثائق النظام البائد وغاياته منها، بل بمحاسبة الجناة وإنصاف الضحايا وذويهم".