جملة" إعادة الاعتبار للأسد"

ياسر بدوي
ياسر بدوي


هل المشكلة في خبر بلومبرغ أم في الصحافة التي نقلت عنه

المشكلة في الطرفين، مشكلة صحفية، المصدر وكالة بلومبرغ للأنباء التي توقعت وجود اتفاق بين روسيا وتركيا والامارات من أجل إقامة العلاقات بين تركيا والنظام السوري، وهو توقع خال من أية معلومة منسوبة إلى مصدر من أحد الأطراف الأربعة تركيا، روسيا، الامارات، نظام الأسد، والمعلومة الوحيدة هي الاعتماد على محللة سياسية روسية ايلينا سوبولينا التي تقول الفكرة وضدها، فقد جمعني معها عدة لقاءات تلفزيونية، وقالت في إحداها بالحرف أن روسيا ليست دولة عظمى؟ لتقول في تصريحها لوكالة بلومبرغ أن روسيا تقول لأمريكا وجودها لم يعد مهما في سوريا، بكل الأحوال هي محللة سياسية ويمكن أن تقول ما تشاء، موضوعنا مصداقية الخبر والمعلومة والمصدر والسؤال كيف تقوم وسائل اعلام متعددة وعريقة بالوقوع في فخ خبر ليس خبر ولا يوجد فيه شيء من الأخبار وكذلك فعل رواد التواصل الاجتماعي، وقاموا بتأكيد فكرة هي بالأساس توقع وتخمين بوجود اتفاق وراحت وسيلة إعلامية تقول على ذمة بلومبرغ ؟ لتأكيد الخبر ووسيلة أخرى تقر بوجود اتفاق لتعويم الأسد، ولعل السؤال الأبرز هل يوجد مثل هذا الاتفاق، وإن كان تفسير المعلن ضرب من الغباء السياسي والإعلامي، إذ لا تحتاج روسيا والامارات لمثل هذا التفسير حيث مواقفهم معلنة، والمقصود هو الجانب التركي الذي ما يزال يتعامل باندفاع لأسباب ذاتية مطلقة، لكن تصريحات الأتراك واضحة أنهم اجتمعوا على مستوى الوزراء وسيجتمعون على مستوى الرؤساء وهو مطلب ملح لهم، وهنا يتم تناسي عدة مواقف دولية مؤثرة ومسار المطلب التركي ومسار مطالب السوريين أنفسهم.

  الموقف الأمريكي حازم في قضية تعويم النظام وهو ليس مجرد موقف استهلاكي بل مدعوم بقوانين مثل قيصر و ملك المخدرات و الرؤية الأمريكية على علاتها تقول لا حل في سوريا إلا عبر مسار سياسي، رغم لعبة المسارات السياسية بين جنيف و أستانة إلا أن جميع الأطراف تعلن القرار 2254 عنوانا للحل و هنا ندخل بالمسار التركي الذي ظهر باندفاع مبعثه الذاتية المحلية المثقلة بهم الانتخابات لكن هذا المسار محكوم بالقرارات الدولية، والهوامش المتاحة من أجل هذه الاندفاعة محددة بزمن قدره أربعة اشهر فتذهب الضغوط المحلية و تذهب السكرة وتعود الفكرة، إلا اذا حملت نتائج الانتخابات تطورات مختلفة، ثانيا المصرح عنه في خبر وكالة بلومبرغ هو أن تركيا تهدف لانهاء وجود بي كي كي و تفرعاتها فهل النظام قادر على هذا الامر حيث عجزت روسيا و تركيا؟ مع عدم اغفال اللعب السياسي الأمريكي بطرح مشاريع مرضية لتركيا، ثانيا هل يتجرأ النظام العاجز عن ضرب قيادة قنديل الموالية لإيران حسب عثمان أوجلان وتثير غضب إيران؟ وهنا ندخل في تصريح بلومبرغ عن هدف الامارات العربية المتحدة التي تريد من تعويم النظام ضرب النفوذ الإيراني، والموقف الثالث هو موقف الشارع السوري في المحرر الذي ما زال سيصدر الغليان اليومي ليرفض التصالح وهناك معلومات عن تطورات عسكرية ربما تعيد خلط الأوراق كاملة.

 أما هذه المطالب المتداخلة والمتضاربة تستكين وسائل الإعلام لخبر مشكوك في أنه خبر وتتعامل معه على أنه حقيقة بصياغات مختلفة تخدم فكرة سياسية متناسية عوامل وأسباب وضرورات المهنة، وغير متهيبة لقوة الراي العام الذي باتت آراؤه صراخ، إنه الكسل الصحفي الذي لا يعفيه ما نقلته الحرة عندما قالت إنها اتصلت بالروس والاتراك ولم يردوا؟ ولو تم إخضاع الخبر المصدر والأخبار الناقلة له للتحليل والتمحيص لوجدنا كوارث صحفية مهنية تحاول اخضاع المهنة لمطلب سياسي مقيت أخلاقيا ومخالف لأصول العمل الصحفي.

ويبقى السؤال اين هذا الاتفاق التركي الاماراتي الروسي على الاعتراف بشرعية الأسد وإعادة الاعتبار له ولماذا كل هذه المضامين اللئيمة في هذه العناوين وليس ألئم منها إلا جملة إعادة الاعتبار له! وهي جملة لم ترد في خبر بلومبرغ؟

ملاحظة: في ضوء هذا التحرك التركي الذي (خربط الوسط) وفق المثل التركي وردت جملة تفيد في الرؤية حيث قال كيربي أمريكا تراقب المسار؟ وهذا يفتح المجال أمام الصحفي والمحلل والمتابع للنظر بزوايا مختلفة، لكن سياسيا وليس أخلاقيا، وهنا لعبة الصحافة.