من أجل بناء سوريا الحديثة.. عمالقة الأعمال يجتمعون مع الشرع في دمشق

محمد الأحمد - السوري اليوم
الأحد, 12 يناير - 2025
أحمد الشرع يلتقي رجال أعمال سوريين في دمشق
أحمد الشرع يلتقي رجال أعمال سوريين في دمشق

شهدت العاصمة السورية دمشق يوم الجمعة 11 يناير / كانون الثاني، انعقاد لقاء بين قائد الإدارة السورية الجديدة، أحمد الشرع، وثلاثة من أبرز رجال الأعمال السوريين، في خطوة تعكس سعي الإدارة لجذب الاستثمارات المحلية والخارجية لإعادة بناء اقتصاد البلاد المنهك بعد سنوات طويلة من الصراع. الحدث، الذي جرى بحضور وزير الخارجية أسعد الشيباني، أتى كإشارة واضحة على أن المرحلة المقبلة قد تكون مختلفة، حيث يتم التركيز على إشراك القطاع الخاص في إعادة الإعمار وتجاوز الأزمات الاقتصادية.


اللقاء الذي دام أكثر من ثلاث ساعات، وفقًا لما أعلنه غسان عبود، رجل الأعمال البارز وأحد المشاركين، حمل في طياته نقاشات واسعة تناولت إمكانيات تطوير قطاعات العقارات والبنية التحتية وخلق بيئة استثمارية قادرة على جذب رؤوس الأموال السورية المهاجرة. عبود، الذي وصف اللقاء عبر حسابه على منصة "إكس" بأنه "ودي وأخوي"، أشار إلى أنه تناول قضايا عديدة تمحورت جميعها حول بناء سوريا الحديثة. الصور التي التُقطت خلال الاجتماع أظهرت الشرع وهو يصافح عبود ورجلي الأعمال الآخرين، موفق قداح وأنس الكزبري.


مصادر مقربة من الإدارة الجديدة أشارت إلى أن الشرع أعرب عن ترحيبه بعودة رجال الأعمال السوريين، مشددًا على أن البلاد بحاجة ماسة إلى جهود أبنائها لإعادة الإعمار. وأضافت المصادر أن النقاشات لم تقتصر على استعراض الرؤية المستقبلية للإدارة الجديدة، بل تضمنت أيضًا مقترحات عملية حول كيفية ضمان حماية الاستثمارات وتهيئة الظروف المناسبة لعودة



غسان عبود، المعروف بامتلاكه مجموعة متنوعة من الأعمال تمتد من الإعلام إلى تجارة السيارات والضيافة، كان له حضور لافت في اللقاء. فرجل الأعمال الذي غادر سوريا قبل سنوات طويلة تمكن من بناء إمبراطورية اقتصادية في الخارج، حيث تتضمن مجموعة "غسان عبود" التي تمتد أنشطتها إلى أكثر من 170 دولة حول العالم. استثمارات شملت الإعلام عبر "مجموعة أورينت"، وقطاع السيارات، وسلسلة الضيافة "كريستال بروك" التي تُعد نموذجًا ناجحًا لإدارة الفنادق الفاخرة في أستراليا. عبود لم يُخفِ إعجابه بالشخصيات التي التقى بها، واصفًا الشرع والشيباني بأنهم "أبناء بلد بكل معنى الكلمة"، في إشارة ربما إلى كفاءتهم ورغبتهم الحقيقية في إحداث تغيير إيجابي.


من جانبه، يُعتبر موفق قداح أحد الأسماء اللامعة في مجال العقارات، إذ أسس مجموعة "ماج" التي تُعد واحدة من أكبر شركات التطوير العقاري في المنطقة. قداح، الذي بدأ رحلته المهنية من تجارة بسيطة قبل أن يصبح عملاقًا اقتصاديًا، يُعرف بمشاريعه الضخمة مثل "البوابة الثامنة" في دمشق، وهو مشروع ترك بصمة واضحة في السوق العقارية السورية رغم التحديات. اليوم، تدير مجموعة "ماج" استثمارات تقدر بمليارات الدولارات، تشمل مشاريع عقارية وتجارية في الإمارات وأوروبا وأفريقيا، مما يجعله واحدًا من أبرز المستثمرين السوريين عالميًا.


أما أنس الكزبري، وهو رجل أعمال يتمتع بخبرة واسعة في الاستثمار العقاري، فقد ركز خلال اللقاء على ضرورة توفير بيئة استثمارية قادرة على جذب المشاريع الكبيرة. الكزبري، الرئيس التنفيذي لمجموعة "آي جي أو" (IGO) للتطوير العقاري، يقود مشاريع تقدر قيمتها بمئات الملايين من الدولارات في الإمارات وسوريا، بالإضافة إلى تطوير مشاريع سكنية وتجارية فاخرة في دبي. الكزبري بدا متفائلًا بالمرحلة المقبلة، مؤكدًا أن الاقتصاد السوري يملك إمكانيات كبيرة إذا ما أُتيحت له الفرصة للنهوض مجددًا.


في المشهد العام، يعكس هذا اللقاء تغيرًا واضحًا في الطريقة التي تتعامل بها الإدارة السورية الجديدة مع القطاع الخاص. فمنذ اندلاع الأزمة، كانت العلاقة بين الدولة والمستثمرين السوريين المغتربين تتسم بالتوتر وعدم الثقة. إلا أن الشرع، الذي عُرِفَ برؤيته العملية، بدا مصممًا على تغيير هذا النهج. وتصريحاته خلال اللقاء أكدت على أن المرحلة المقبلة ستشهد إصلاحات اقتصادية تشمل تحسين القوانين والتشريعات لتكون أكثر شفافية وجاذبية للمستثمرين.


على الجانب الآخر، أثار اللقاء ردود فعل واسعة في الشارع السوري وعلى منصات التواصل الاجتماعي. كثيرون رأوا فيه خطوة إيجابية نحو إعادة بناء البلاد، معربين عن أملهم بأن تكون هذه الجهود مدعومة بإجراءات عملية تسهم في تحسين الوضع الاقتصادي المتردي. الصور التي نُشرت على وسائل الإعلام المختلفة بدت وكأنها تحمل رسالة واضحة: أن سوريا يمكنها التعافي إذا ما تضافرت جهود أبنائها.