يخيم شبح الفقر على معظم سكان محافظة إدلب نظراً لتراجع فرص العمل، وتفشي البطالة بنسبة 89٪ وفقاً لفريق منسقو استجابة سوريا.
وشهدت محافظة إدلب مؤخراً أحداثاً ساخنة على الصعيد العسكري، كما لا تزال تعيش حالة عدم استقرار، ما أدى لتراجع كبير في فرص العمل المتوفرة وانتشار البطالة.
وكانت المحافظة تعتمد بشكل رئيسي على قطاع الزراعة الذي يوفر فرص عمل جيدة نظراً لتنوع المحاصيل على مدار العام.
*تراجع فرص العمل:
سيطر النظام مؤخراً على مساحات واسعة من المنطقة، التي استقبلت آلاف النازحين ما أسهم في زيادة الكثافة السكنية في منطقة تعاني أصلاً من قلة الموارد، وهو السبب الرئيسي لارتفاع نسبة البطالة بحسب الصحفي "محمد كساح" المقيم بإدلب.
ووفقاً لإحصائية مديرية الزراعة بإدلب فإن المحافظة خسرت ما يعادل 60٪ من مساحة الأراضي الصالحة للزراعة.
ويقول "الكساح" أن "تقلص الأراضي الزراعية ساهم أيضاً في تراجع الثروة الحيوانية، حيث اضطر الأهالي للاستغناء عن قطعانهم بعد النزوح، بالتالي خسارة مصدر دخل لمئات الأسر".
من جهته يرى الباحث الاقتصادي "خالد التركاوي" أن غياب مشاريع استثمارية حقيقة عن المنطقة له دور كبير في عدم توفر فرص عمل جديدة.
كما لم يكن لمنطقة إدلب تجارب مسبقة في مجال الاستثمار، فهي لاتزال حديثة العهد بهذا القطاع.
ويقول "التركاوي" أنه من حق أصحاب رؤوس الخوف من خوض تجارب لمشاريع كبيرة فإنها تعتبر رهان غير مضمون النتائج؛ لأنها محاطة بأسباب الخسارة في ظل حالة عدم الاستقرار التي تعيشها المنطقة.
*ماهي الفرص المتوفرة؟
تنشط فرص العمل في مواسم زراعية محدودة كقطاف الزيتون وتقليم أعصائه، وأعمال المطابخ والمطاعم التي شهدت انتعاشاً خلال الفترة الأخيرة، إضافة لبعض المهن كالبناء والتصليح والمحال التجارية.
بينما تتراجع فرصة الاستثمار في بقاليات أو محال تجارية صغيرة، حيث باتت فكرة غير مجدية لضعف القدرة الشرائية، وحاجتها لرأس مال كبير بحسب عشرات الأهالي بإدلب.
كما توفر بعض المعامل الصناعة القليلة كـ "محارم، وتحلية المياه، وورشات النسيج"، فرص عمل جيدة مقارنة بأجور العمل في المهن الحرة.
وتؤمن منظمات المجتمع المدني والتي تنشط في المجالات الإغاثة والطبية والتعليم وغيرها الفرص الأفضل، ولكن بشكل محدود؛ إضافةً لعقود العمل مع وسائل إعلام عربية وأجنبية.
*ماذا عن الأجور؟
يعمل "بسام " في صنعة الفطائر منذ سنوات واستطاع الحصول على فرصة عمل في إحدى أفران مدينة إدلب، لا تتجاوز 30 ليرة تركية يومياً أي أقل من 4 دولار.
ويقول "بسام" "يجب ألا تقل أجرة من يمتلك خبرتي عن 50 ليرة يومياً، لكن مع قلة الزبائن وكثرة البحثين عن العمل، ربما أنا محظوظ بهذه الليرات التي أتقاضها "غيري ما عم يلاقي شغل".
"أبو خالد" يعمل ل 12 ساعة يومياً في إحدى المتاجر التجارية في مدينة إدلب مقابل 18 ليرة تركية فقط.
بينما يقول "أدهم" وهو عامل بناء أن أجرته اليومية لا تتجاوز 20 ليرة.
يشرح "أدهم" طبيعة عمله الصعبة "ففي الشتاء تحت المطر، وفي الصيف تحت الشمس، يوم نعمل وعشرة لا".
ويشتكي من عدم موازاة المجهود الذي يقضيه في العمل مع الأجر الذي يحصل عليه موضحاً "ما في بديل، وإذ اعترضت يوجد غيري الكثير يعمل مكاني، الكحل أحسن من العمى".
تتسم جميع هذه الفرص بأجورها المتدنية وغير الثابتة، كما أنها تتأثر بالأوضاع في حالة عدم الاستقرار.
ووفق استطلاع لفريق منسقو استجابة سوريا شارك فيه 41.218 شخصاً ضمن الفئات القادرة على العمل، فقد قال 14% فقط أنهم يحصلون على راتب شهري يتجاوز 50 دولار، بينما نفى 86% حصولهم على أكثر من هذا المبلغ شهرياً.
لم تتأثر أجور العمال رغم استبدال التعامل من الليرة السورية المتدهورة إلى الليرة التركية بسبب قلة فرص العمل المتاحة، وعدم وجود قرارات رسمية تحدد سقف أدنى للأجور، فيما أسهمت الليرة التركية في تثبيت الأجور كونها أكثراً استقراراً مقابل الدولار.
فيما ترتفع الأجور للعاملين في منظمات المجتمع المدني، ولا تقل عن 300 دولار شهرياً ضمن عقود ثابتة تكفل في بعض الأحيان مصاريف التنقل، والحالات الطارئة.
وكان فريق "منسقو الاستجابة" أعلن بعد الاستطلاع الأخير الذي أجره خلال الربع الأخير من العام 2020 أن 7٪ فقط أجابوا بـ "نعم"، حول إذا ما كانوا يستطيعون تغطية نفقات المعيشة الأساسية، بينما أكد 93٪ أن دخلهم المالي غير قادر على تغطية نفقاتهم.