نائب رئيس الائتلاف المعارض عبدالحكيم بشار: تصريحاتي حول عفرين جرى اقتطاعها من سياقها وتحريفها

حوار: حسين جلبي_ السوري اليوم
الأربعاء, 7 يوليو - 2021
نائب رئيس الائتلاف السوري المعارض، د. عبدالحكيم بشار
نائب رئيس الائتلاف السوري المعارض، د. عبدالحكيم بشار

أطلق د. عبدالحكيم بشار، نائب رئيس الائتلاف السوري المعارض وعضو المكتب السياسي للحزب الديمقراطي الكُردستاني ــ سوريا، خلال لقاء مع رفاق حزبه بمخيم للاجئين السوريين في إقليم كُردستان، تصريحات حول الأوضاع الأمنية في منطقة عفرين، وخاصة نسبة الانتهاكات التي يتعرض لها الكُرد هناك، الأمر الذي أثار جدلاً واسعاً وردود أفعال لا زالت مستمرة في الشارع الكُردي. وقد التقى "السوري اليوم" مع د. بشار، للوقوف على مزيد من التوضيح بشأن تصريحاته، ودور المجلس الوطني الكُردي في منطقة عفرين، وعلاقة المجلس بالائتلاف السوري المعارض وأهمية بقائه ضمن صفوفه، في ظل التصريحات التي تطلقها شخصيات معارضة تجاه الكُرد، ورأيه في "الحوار الكُردي" بين المجلس الكُردي وحزب الاتحاد الديمقراطي، آفاق الحوار وملفاته الرئيسية وفرص نجاحه، والعامل المرجح في اكتساح حزب العمال الكُردستاني للساحة الكُردية السورية، على حساب المجلس الوطني الكُردي والأحزاب الكُردية التي تعتبر المنطقة حاضنتها.

حوار: حسين جلبي ـ السوري اليوم

نبدأ من حديثك الأخير الذي ورد في مقطع مصور حول الأوضاع الأمنية في منطقة عفرين، والذي ذكرت فيه بأن نسبة كبيرة من التقارير حول الانتهاكات في منطقة عفرين كاذبة، الأمر الذي أثار ردود أفعال كثيرة، هل لك أن تقدم المزيد حول ذلك؟

تم اقتطاع جزء من كلمتي وإخراجها عن سياقها، بشكل أُسيء فهم ما قلته. كان حديثي يدور حول ضرورة وضع برامج واقعية والعمل عليها من أجل عودة الكُرد الذين تركوا ديارهم، والذين يتجاوز عددهم المليون نسمة، وبقاء هذه النسبة الكبيرة خارج مناطقهم يلحق أشد الضرر بالقضية الكُردية في سوريا ويصعّب حلها، فالقضية الكُردية هي قضية شعب أولاً، ويستحيل حلها بغياب الشعب. ضمن هذا السياق تناولت منطقة عفرين، وأكدت أن هناك انتهاكات لا يمكن انكارها، وإن غياب المجلس الوطني الكُردي عنها جعل الأخبار التي تصلنا حول الأوضاع شديدة التضارب، بشكل أفقد حتى الصحيح منها المصداقية، وحديثي عن نسبة مرتفعة من الأخبار غير الصحيحة، غايته التقليل من مخاوف الكُرد. والحقيقة هناك تهويل ممنهج للأوضاع تقوم بها جهات معروفة، أدى بسبب الضخ المستمر إلى تشكل حاجز من الرعب لدى أهلنا الذين هُجروا من عفرين، والاستمرار في ضخ الأخبار بطريقة تفتقر إلى المسؤولية، سيؤدي إلى تشكَّل رادع نفسي لديهم يمنعهم حتى من مجرد التفكير بالعودة، لا بل قد يدفع بهؤلاء إلى القلق على أهلهم المتبقين في المنطقة، الذين قد يجدون أنفسهم بدورهم مرغمين على الفرار منها، سواء بسبب ضغوط ذويهم في الخارج أو بسبب منسوب الأخبار حول الانتهاكات، التي أؤكد ثانية بأنني لا أنكرها أبداً، ولكنني أدعو إلى وضعها ضمن إطار قانوني كما ذكرت، وذلك بتوثيقها ضمن تقارير حسب الأصول، مبنية على أدلة لا يشك فيها، والسعي لمعالجتها وفق ما يتيسر من ادوات ووسائل غير ذلك يبقى الأمر مجرد استثمار تمارسه جهات مشبوهة لأجندات حزبية ضيقة، على حساب آلام ومعاناة أبناء شعبنا وعلى حساب قضيته، ينخرط فيه البعض للأسف بحسن نية. وهنا أؤكد بالمناسبة، على ضرورة تواجد ممثلي المجلس الوطني الكُردي في الائتلاف وعدم مقاطعته، وذلك للوقوف على حقيقة ما يجرى عن قرب، لأن المقاطعة والتقوقع لم يكن يوماً حلاً، فلا بد من السعي حسب الإمكانات المتاحة لمعالجة الانتهاكات وتشجيع الكُرد على العودة إلى بيوتهم.

هل تعتبر نفسك أخطأت في تصريحاتك حول حقيقة الأوضاع في منطقة عفرين، أم أن الانتهاكات بحق الكُرد في تلك المنطقة قليلة فعلاً وهناك مبالغة في تناولها، ويمكنك بالتالي طمأنة الكُرد المهجّرين ودعوتهم للعودة؟

أنا لم أُخطأ في تصريحاتي بل أعتقد بأن هناك إساءة فهم لها، بسبب عدم الاستماع إلى الحديث كاملاً وأخذ مقطع قصير جداً منه، وإخراجه من سياقه ونشره على مبدأ "ولا تقربوا الصلاة"، مع عدم الالتفات إلى مجمل الموضوع وسياق الكلام الذي ورد في المقطع المنشور، الذي كان خلال مناسبة حزبية. لم أنفي حتى خلال المقطع المشار إليه وجود انتهاكات في عفرين؛ بل أكدت على وجودها، ولكنني قلت بأن هناك مبالغة في تناولها، تقوم بها بشكل ممنهج جهات معروفة بعد أن أرغمت سكان عفرين على الخروج منها، ووضعتهم في مخيمات لا تتوفر فيها أدنى مقومات الحياة والكرامة الإنسانية، وذلك بهدف استثمارهم سياسياً، وهي تمنعهم بالقوة من العودة إلى بيوتهم وتهددهم من أجل عدم العودة، وتقول بشكل صريح بأن عودتهم ستؤدي إلى إلحاق الأضرار بهم، لا بل تتهم من ينوي منهم العودة بأنه سيكون مشروع تآمر عليها، وهكذا، ومن أجل استمرار استثمارها في الأزمة التي خلقتها، تقوم بالاستثمار في الرعب، هذا في الوقت الذي نسعى فيه إلى إرسال رسائل طمأنة لأهلنا، وتشجيعهم على العودة رغم الصعوبات التي قد تعترضهم، والتي أتصور بأنها أقل بكثير من الصعوبات التي يعيشونها حالياً في مخيمات اللجوء، لكن العودة إلى الديار والتشبث بالأرض، يستحق العناء وتحمل الصعوبات من أجلها.

من أين يستقي د. عبدالحكيم بشار معلوماته حول عفرين؟ عن طريق الائتلاف المعارض الذي يتولى نائب الرئيس فيه، أم عن طريق المجلس الوطني الكُردي أم هناك مصادر أُخرى؟ ثم ماذا قدم المجلس لعفرين، الذي يُتهم بالمساهمة بطريقة أو بأُخرى في الوضع الحالي لمنطقة عفرين؟

أستقي معلوماتي من مصادر مختلفة، منها متابعتي الشخصية للأوضاع وتواصلي مع كثير من الناس داخل عفرين، بالإضافة إلى الشكاوى التي تصلني من السكان، ونحن نحاول تقديم الممكن سواء بصفة شخصية أو من خلال وجودنا في الائتلاف، بصفتي نائب لرئيس الائتلاف وممثلاً عن المجلس الوطني الكُردي داخله. أما المجلس الوطني الكُردي، فأقول بأسف، بأنه ليس لديه مصدر يعوّل عليه يمكنه الاعتماد عليه حتى اللحظة، وهنا أُعيد التأكيد على ما أقوله مراراً، حول ضرورة وجود ممثلي المجلس في الائتلاف المعارض داخل منطقة عفرين، للوقوف على حقيقة الأوضاع بشكل مباشر من خلال الاحتكاك بالناس، وليس افتراضياً عن طريق وسائل التواصل، أهلنا بحاجة إلى وجود عنوان لنا في عفرين، يلجؤون إليه للبحث عن حلول للمشكلات التي تواجههم، علينا بذل الجهود لتحسين أوضاعهم من خلال التواجد الميداني في عفرين، وإذا وجدنا بأن الأمر يتجاوز قدراتنا، وتبين لهم بأن قدرتنا على العمل لا تتناسب مع ما يجري، حينها يمكن البحث عن مسارات أُخرى.

مع كل تصريح معادي للحقوق الكُردية في سوريا أو يبخس الكُرد قدرهم، يطلقه مسؤولون أو شخصيات في المعارضة، تتصاعد المطالبات من المجلس الوطني الكُردي للانسحاب من الائتلاف، كيف تقيمون علاقتكم مع الائتلاف، وما أهمية البقاء ضمن هذا الجسم المعارض، وماذا استفاد الكُرد من البقاء فيه؟

في سوريا نحن أمام خيارين لا ثالث لهما، إما الموالاة للنظام أو البقاء مع المعارضة، وخيارنا منذ البداية هو المعارضة، لأننا معارضون أصلاً لأنظمة الحكم التي تنكرت لحقوقنا، ووجودنا مع المعارضة هو الخيار الصائب والأفضل للكُرد حسب وجهة نظري، ومن بين أطراف المعارضة الموجودة، هناك الائتلاف وهيئة التنسيق ومنصتي موسكو والقاهرة، بالإضافة إلى أطراف أُخرى أقل أهمية، والائتلاف هو الأكثر استجابة لحقوق الكُرد، وفق وثيقة موقعة بينه وبين المجلس الوطني الكُردي، كما يحظى بشرعية دولية واسعة وله دور محوري في مفاوضات جنيف، وهو ما ينعكس بالتالي إيجابياً على الحقوق الكُردية التي يعترف بها الائتلاف. من جهة أُخرى، لا يعني وجودنا في الائتلاف، تطابقاً في الآراء والمواقف معه، فهناك قضايا خلافية ونحن نعمل من خلال الحوار الداخلي على حلها، وتوسيع مساحة التفاهم حول مستقبل سوريا عموماً والقضية الكُردية على وجه الخصوص، ونعمل من خلال الائتلاف في مسارات متعددة لتحقيق الانتقال الديمقراطي في سوريا وحل القضية الكُردية وطنياً. إن بقاء الكُرد خارج إطار المعارضة، يعني أن القضية الكُردية دخلت في عزلة وطنية، وهذا انتحار سياسي من وجهة نظري، وهو ما عمل عليه النظام طوال الوقت، لذلك لا غنى أبداً عن دعم السوريين والتوافق معهم لحل القضية الكُردية دستورياً، وهنا لا بد من بناء جسور الثقة والتفاهم مع السوريين؛ من خلال أطر المعارضة عموماً والائتلاف على وجه الخصوص، وليس العمل على هدم ما هو موجود منها. إننا ندفع الآن ندفع ضريبة ستين عاماً من العزلة المفروضة على قضيتنا، لم ننجح خلالها من التواصل الفعال مع المجتمع السوري، ودون الخوض في الأسباب، كان هناك تشويه متعمد للقضية الكُردية على الصعيد الوطني، عمل عليه النظام وأجهزته على مدى عقود، لذلك نحتاج الى المزيد من الجهود والمزيد من الحوار والتوافق مع السوريين وإعادة النظر المشترك بشكل العلاقة الكُردية العربية ومع باقي المكونات السورية، ودفعها إيجابياً الى الأمام. إن ترسيخ البعد الوطني للقضية الكُردية، هو هدف استراتيجي يجب العمل عليه من خلال التفاعل الايجابي مع القضايا الوطنية، والاستمرار في الحوار مهما كانت الصعوبات التي تعترضنا، للوصول الى فهم مشترك حول القضايا الجوهرية.

رغم مرور أكثر من عام على "الحوار الكُردي" بين المجلس الوطني الكُردي وحزب الاتحاد الديمقراطي، إلا أن الشارع الكُردي لم يلمس تغييراً في الأوضاع عما كانت عليه قبل الحوار، باستثناء فتح المكاسب الحزبية، هل تؤمن بالحوار مع الـPYD وبنجاحه في تحقيق اخترق ما وحل الملفات العالقة، وبالتالي رؤية جسم واحد يمثل الكُرد في سوريا؟

في الحقيقة أنا أؤمن بالحوار كمبدأ عام لحل القضايا جميعها، وتحديداً القضايا الخلافية وأنبذ العنف والتطرف والإقصاء، ونحن كمجلس نؤمن بالحوار مهما كانت درجة الاختلاف، ولكن للحوار الناجح شروطه ومقدماته. وفيما يتعلق بحوار المجلس الوطني الكُردي مع الـpyd، فقد وضع المجلس إلى جانب عدد من المبادئ، خمسة شروط أساسية لا بد من إنجازها لتحقيق الاتفاق، وهي إعلان فك ارتباط حزب الاتحاد الديمقراطي مع حزب العمال الكُردستاني، إلغاء التجنيد القسري؛ الذي تسبب بهجرة عشرات الآلاف من الشباب من كُردستان سوريا الى خارج البلاد، إلغاء المناهج الدراسية الحالية المؤدلجة وغير المعترف بها، والتي تسببت بدورها بمزيد من الهجرة للعائلات الكُردية بحثاً عن تعليم أفضل لأطفالهم، والبحث عن مناهج دراسية واقعية وعلمية معترف بها وبنتائج الدراسة بها، الكشف عن مصير المختطفين المخفيين قسرياً وتعديل العقد الاجتماعي، على ألا يكون الاتفاق سبباً لاستعداء السوريين ودول الجوار نحن بحاجة ماسة الى كسب المزيد من الاصدقاء لشعبنا وقضيتنا لا خلق المزيد من الاعداء له، وعلى أية حال، لا نستبق الأحداث بل سننتظر النتائج.

لماذا لا يغفر الشارع الكُردي للسياسيين الكُرد في طرف المجلس الكُردي أخطائهم أو لنقل هفواتهم، ولماذا تمضي الهزائم التي تسبب بها حزب العمال الكُردستاني للكُرد، والانتهاكات التي ترتكبها "الإدارة الذاتية الديمقراطية" المعلنة من حزب الاتحاد الديمقراطي وتصريحات مسؤوليها المعادية للحقوق الكُردية دون محاسبة ولا يتوقف عندها الشارع الكُردي كثيراً؟

هذا الكلام يصلح توصيف حالة، وهو بذلك دقيق جداً. تتحول هزائم العمال الكُردستاني التي تسبب بها لنا، إلى انتصارات تطلق لأجلها الأهازيج وتعقد لها الدبكات، وأصبح تخلي الحزب نهائياً عن الحقوق القومية الكُردية، لا بل محاربته تلك الحقوق بحجة عرقلتها تحقيق الأمة الديمقراطية الايكولوجية، أحد أشكال الحداثة والديمقراطية وأخوة الشعوب. لقد نجح الpkk في السيطرة على الساحة إعلامياً، ونقل معظم الشارع الكُردي إلى ملعبه ويوجهه إلى حيث يُطلب منه، وحسب ذلك الحزب، لم يعد النظام السوري الذي استدعاه للمنطقة، وقدم له السلاح للسيطرة من أجل مصلحته عليها، عدواً لنا، بل أصبح لنا أعداء خارج الحدود، يبدو بأنهم هم الذين طبقوا علينا سياسة الحزام العربي والاحصاء الاستثنائي ومنعونا من التحدث بلغتنا طوال الوقت، وهم الذين تسببوا بكل المآسي التي لحقت بالكُرد في سوريا، وأصبح الحل لمقارعة هؤلاء الأعداء هو خوض حروب عبثية معهم، في ظل عدم وجود أي نوع من أنواع التوازن معهم، بينما – كما ذكرت – هفوات أو أخطاء أي أحد آخر غير محسوب على حزب العمال الكردستاني، هو كفر لا يغتفر، لذلك علينا مواجهة آلتهم الإعلامية الضخمة التي تقلب الأضاليل إلى وقائع، علينا أن نكون واعين وننتبه إلى مثل هذه القضايا، والقطع النهائي مع إعلامهم المضلل.

الوسوم :