دعا الرئيس السوري أحمد الشرع، في كلمة متلفزة مساء الأربعاء، جميع السوريين إلى النزول إلى الساحات في مختلف المحافظات لإحياء الذكرى الأولى لمعركة "ردع العدوان"، التي انتهت بسقوط نظام بشار الأسد في 8 ديسمبر/كانون الأول 2024.
وقال الشرع إن هذا اليوم “لا يمثل انتصاراً عسكرياً فحسب، بل محطة مفصلية في تاريخ سوريا ووفاءً لتضحيات شعبها خلال 14 عاماً من الثورة”.
مناطق الجزيرة… السوريون الذين غابوا عن لحظة الاحتفال
ورغم الاحتفالات التي عمّت معظم المحافظات السورية، بقيت مناطق الجزيرة، الخاضعة لسيطرة قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، خارج مشهد الفرح العام.
فقد مُنع السكان هناك من المشاركة في المناسبة، وفق ما أفادت مصادر مدنية من الحسكة والرقة، حيث تعرّض عدد من الشبان للاعتقال وأفادت تقارير محلية عن تعرض بعضهم للقتل لمجرد رفع علم الثورة أو الاحتفال بسقوط نظام الأسد.
هذا الواقع جعل أهالي المنطقة “يشاهدون الاحتفالات في باقي المدن السورية بقلوب دامعة"كما قال أحد الناشطين، مضيفاً أن "عيونهم كانت تتجه إلى المحافظات المحررة، في وقت يتطلعون فيه إلى اليوم الذي يتمكنون فيه من الاحتفال مثل بقية السوريين".
من خطاب الشرع إلى استعادة أحداث المعركة
وتعيد الذكرى الأولى لمعركة "ردع العدوان" إلى الأذهان تلك العملية العسكرية الخاطفة التي انطلقت في 27 نوفمبر/تشرين الثاني 2024 من ريف حلب الغربي، حين أعلنت الفصائل السورية المعارضة – ضمن “إدارة العمليات المشتركة” – بدء أكبر هجوم منسّق منذ سنوات.
شرارة البداية: ريف حلب الغربي
في اليوم الأول، استعادت الفصائل السيطرة على 18 قرية، وقطعت الطريق الدولي بين حلب ودمشق، ما أدى إلى إرباك خطوط إمداد قوات النظام وخلق حالة صدمة داخل صفوفه.
وفي اليوم التالي، انتقلت العمليات إلى محور سراقب، أحد أهم مفاصل الطريق الدولي شمالاً، وتم تحرير أكثر من 50 بلدة خلال ساعات.
30 نوفمبر.. سقوط سراقب وتصدّع حلب
في 30 نوفمبر، أعلنت المعارضة السيطرة على مدينة سراقب بالكامل، وهي الضربة التي فتحت الطريق نحو انهيار متتابع لقوات النظام.
وفي حلب، بدأت وحدات النظام بالانسحاب، فيما سلّمت بعض المواقع لمجموعات من "بي كي كي/واي بي جي"، في مؤشر واضح على فقدان القيادة السيطرة الميدانية.
الطائرات الروسية حاولت استعادة زمام الأمور عبر قصف مكثف، إلا أن التقدّم البري للفصائل غيّر ميزان المعركة.
تحرير حلب.. نقطة التحول الكبرى
مطلع ديسمبر، أعلنت الفصائل دخول مدينة حلب بالكامل، في حدث اعتُبر بداية النهاية للنظام.
وقد حافظ المقاتلون على مؤسسات الدولة داخل المدينة، وانتشروا في الشوارع، مؤكدين حماية الأهالي ومنع الفوضى.
حماة.. الطريق إلى حمص فالعاصمة
بعد حلب، توجهت العمليات نحو حماة. وفي غضون خمسة أيام، سيطر المقاتلون على صوران وطيبة الإمام، قبل أن يحسموا المواجهة في جبل العابدين، الذي كان آخر خط دفاع للنظام عن المدينة.
وفي 5 ديسمبر، أعلنت المعارضة دخول حماة، الأمر الذي فتح الطريق نحو حمص، التي تبعد أقل من 200 كيلومتر عن العاصمة.
انتفاضة الجنوب: درعا والسويداء
في 7 ديسمبر، تحرك المقاتلون في درعا بشكل مفاجئ، واستعادوا السيطرة على المدينة خلال ساعات، لتمتد بعدها العمليات إلى السويداء التي تحررت في أقل من يوم واحد.
كانت انسحابات النظام من الجنوب بمثابة انهيار شامل في آخر خطوطه الدفاعية المؤدية إلى دمشق.
معركة حمص ثم حصار العاصمة
في حمص، ورغم قصف الطيران الروسي لجسر الرستن لمحاولة عرقلة التقدم، تمكن المقاتلون من الالتفاف والوصول إلى محيط المدينة، قبل أن يتجمع جزء من القوات لبدء الهجوم نحو العاصمة.
8 ديسمبر: لحظة سقوط النظام
فجر الأحد 8 ديسمبر، وفي الساعة 6:18 صباحاً، أعلنت الفصائل دخول دمشق وانهيار نظام بشار الأسد.
وبعد ساعات، ظهر الأسد في موسكو مقدماً طلب “اللجوء الإنساني”.
بين الفرح العام ومأساة صيدنايا
مع دخول الفصائل العاصمة، خرج آلاف المعتقلين من سجن صيدنايا، بينما بقي مصير آلاف آخرين مجهولاً بعد اختفائهم أو إعدامهم داخل المعتقل.
عيد وطني جديد
قبل أسابيع، أصدر الرئيس الشرع مرسوماً باعتبار 8 ديسمبر عيداً وطنياً، ودعا السوريين إلى الاحتفال أمس بذكرى المعركة التي “أعادت سوريا إلى شعبها”، على حدّ وصفه.