أصدرت الشبكة السورية لحقوق الإنسان (SNHR) تقريرها السنوي الرابع عشر، بمناسبة اليوم العالمي للطفل، تحت عنوان: "تعزيز منظومة حماية الطفل في سوريا: مواجهة إرث خمسة عشر عاماً من الانتهاكات الممنهجة وضمان مستقبل آمن للأجيال". ويسلط التقرير الضوء على الإرث الثقيل من الانتهاكات التي طالت الأطفال السوريين على مدى 14 عاماً، مع التركيز على التحديات البنيوية المستمرة في المرحلة التي تلت سقوط نظام بشار الأسد.
تحديات ما بعد النظام:
7.5 مليون طفل بحاجة للمساعدة
يؤكد التقرير أنَّ الأطفال في سوريا ما يزالون يواجهون تحديات عميقة، أبرزها تدهور قطاع التعليم، وغياب الخدمات الأساسية، واحتياج 7.5 مليون طفل للمساعدات الإنسانية. ورغم تراجع مستويات العنف، تشكل آثار الصدمات النفسية، والفقر، وفقدان الوالدين، وضعف أنظمة الحماية الاجتماعية عوائق كبيرة تحول دون حصول الأطفال على حقوقهم.
أرقام مرعبة تلخص الإرث الكارثي:
* القتل: توثيق مقتل 30,686 طفلاً منذ آذار/مارس 2011 حتى 20 تشرين الثاني/نوفمبر 2025.
* الاعتقال/الاختفاء القسري: ما يزال 5,359 طفلاً قيد الاعتقال أو الاختفاء القسري.
* التعذيب: توثيق مقتل 226 طفلاً تحت التعذيب.
* استهداف البنية التحتية: تضرر 1,743 مدرسة ورياض أطفال و919 منشأة طبية جراء الاعتداءات الممنهجة.
انتهاكات مستمرة وتهديدات قاتلة
وبالإضافة إلى إرث النظام السابق، ما تزال عدة أطراف ترتكب انتهاكات تهدد حياة الأطفال ومستقبلهم في المرحلة الانتقالية:
* مخلفات الأسلحة: تُعد الألغام والذخائر غير المنفجرة أخطر تهديد، إذ تسببت منذ كانون الأول/ديسمبر 2024 بمقتل ما لا يقل عن 107 أطفال.
* التجنيد والاحتجاز التعسفي: تواصل قوات سوريا الديمقراطية (قسد) تجنيد الأطفال عبر أساليب تشمل الاختطاف والضغط، كما تستمر عمليات الاحتجاز التعسفي.
* مخيمات الحرمان: احتجاز نحو 25,500 طفل في مخيمي الهول وروج في ظروف قاسية تشكّل حرماناً غير قانوني من الحرية وانتهاكاً لاتفاقية حقوق الطفل.
دعوة عاجلة لـ "تشريع شامل" لحماية أجيال سوريا
في ختام تقريرها، أكدت الشبكة أنَّ حماية الأطفال في المرحلة الانتقالية هي اختبار حاسم للعدالة. ووجهت الشَّبكة توصيات واضحة إلى الهيئة الوطنية للعدالة الانتقالية للعمل على دمج ملفي المفقودين والأطفال ضمن منظومة العدالة الانتقالية.
وتبرز أهم هذه التوصيات المطالبة بـصياغة إطار تشريعي شامل يعالج مختلف الجرائم، بما في ذلك الاختفاء القسري، تجنيد الأطفال، نقلهم غير القانوني، والحرمان من الهوية.
كما طالبت الشبكة بإنشاء قاعدة بيانات وطنية موحدة للمفقودين تتضمن الأطفال، وفتح تحقيقات رسمية في عمليات نقل الأطفال من مراكز الاحتجاز إلى دور الرعاية والأيتام دون وثائق رسمية، وهو ما يمثل تلاعباً بالهوية وانتهاكاً جوهرياً للحقوق الأساسية.
ويشدد التقرير على أنَّ لا يمكن لأي عملية سياسية أن تكتمل دون كشف الحقيقة، وجبر الضرر، وضمان عدم تكرار الانتهاكات التي دمّرت حياة أجيال كاملة من الأطفال السوريين.