ألغى مجلس الشيوخ الأمريكي، قانون «قانون قيصر» المفروض على سوريا منذ عام 2019، وسط ترحيب من دمشق.
وجاء الإلغاء يوم الخميس، كبند ضمن النسخة الجديدة من قانون ميزانية الدفاع السنوي.
وجاء التصويت بأغلبية كبيرة بلغت 77 صوتًا مقابل 20، في خطوة وُصفت بأنها تحول لافت في الموقف الأمريكي من سياسة العقوبات على دمشق، والتي كانت سارية منذ أكثر من خمس سنوات.
وينص التعديل المضاف إلى قانون الدفاع على إلغاء العقوبات المنصوص عليها في قانون قيصر بشكل غير مشروط، على أن تقدم الإدارة الأمريكية تقريرًا إلى الكونغرس خلال عام لتقييم مدى التزام الحكومة السورية بمعايير إنسانية وسياسية محددة، دون أن تكون هذه المعايير ملزمة أو شرطًا لإعادة فرض العقوبات.
ورغم أهمية التصويت في مجلس الشيوخ، إلا أن الإجراء لا يعني دخول الإلغاء حيز التنفيذ بعد. إذ يجب أن تُدمج نسخة مجلس الشيوخ مع النسخة الخاصة بمجلس النواب ضمن لجنة التوفيق المشتركة، قبل إحالتها إلى الرئيس الأمريكي للتوقيع عليها وجعلها قانونًا نافذًا.
وكانت لجنة الخدمات المسلحة في مجلس النواب قد رفضت في أيلول/سبتمبر الماضي تعديلات مماثلة لإلغاء قانون قيصر، مفضلة الإبقاء على العقوبات مع بعض التعديلات الجزئية، وهو ما يشير إلى احتمال نشوب جدل سياسي واسع قبل التوصل إلى الصيغة النهائية.
وكان أول من أعلن الخبر عبر صفحته على فيسبوك، عضو المجلس السوري الأمريكي محمد علاء غانم، الذي قال إن «جهودنا نجحت في إقرار وإجازة مادّتنا في نسخة مجلس الشيوخ من ميزانية وزارة الدفاع الأمريكية التي تنصّ على إلغاء قانون قيصر.
وبين أن هذه المادّة «تقضي بإلغاء قانون قيصر دون قيد أو شرط نهاية هذا العام، وهو نصر دراماتيكي بكلّ ما تعنيه الكلمة من معنى لمن يعرف شراسة المعركة التي خضناها»، موضحاً أنه و«إلى جانب هذه المادة، أُجيزت مادّة أخرى تتضمّن مجموعة بنود على الحكومة السورية الالتزام بها، لكنها لم تكن شروطاً ملزمة تُعيد عقوبات قيصر تلقائياً في حال الإخفاق بتطبيقها جميعاً، بل صارت أهدافاً غير مُلزمة».
وشرح أن «هناك بندا غير ملزم يقضي بأن يناقش الكونغرس مسألة إعادة فرض قانون قيصر في حال لم تُحرز الحكومة السورية تقدّماً في تلك البنود لمدة 12 شهراً متتالية، أي استطعنا إفشال مساعي من أراد لقيصر أن يبقى للأبد سيفاً مسلطاً على رقاب المستثمرين الراغبين في الدخول لسورية».
وأكد أنه «أُجيزت كذلك مادة تطالب الإدارة الأمريكية بتقديم تقرير للكونغرس حيال الجهود الواجب بذلها لتسهيل إعادة افتتاح السفارة الأمريكية في دمشق وتطوير العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، في مؤشر هام على رغبة الولايات المتحدة في الانخراط مع دمشق».
وختم بالقول إن «نسخةُ مجلس الشيوخ ستتجه إلى مفاوضات مقبلة مع مجلس النوّاب حيال النسخة النهائية التي سيوقّع عليها الرئيس (الأمريكي دونالد ترامب) قبل نهاية العام، ورغم نصرنا الدراماتيكي والهام جداً اليوم، إلا أنّنا ما زلنا في حاجة لمواصلة العمل لإيصال هذه المواد إلى خطّ النهاية في تلك المفاوضات».
ورحبت سوريا على لسان أكثر من مسؤول رفيع في الحكومة الانتقالية بالخطوة، واصفة ما تم بأنه «خبر مفرح» و «نقطة تحوّل» و«خطوة بالغة الأهمية تعيد لسورية أنفاسها الأولى».
وقال وزير الخارجية أسعد الشيباني عبر منصة «إكس» إنه و«على مدى الأشهر الماضية، وبتوجيهٍ من الرئيس أحمد الشرع، وبعزيمة فريقي في وزارة الخارجية، عملنا على رفع أحد أثقل الأعباء التي كبّلت وطننا اقتصادياً وسياسياً، قانون قيصر»، واصفاً ما حصل بأنه «خطوة تُعيد لسوريا أنفاسها الأولى، وتفتح أمامها طريقاً جديداً نحو البناء والتعافي، وبه تُستعاد كرامة الإنسان السوري وحقّه في أن يعمّر أرضه ويصنع مستقبله، وتستعيد مؤسسات الدولة نبضها لتنهض وتزدهر»، معتبراً «أنها بداية عهد جديد من البناء والإحياء، عهد يقوم على الكرامة والعدالة».
«تطوير التشريعات الاقتصادية لتتلاءم مع المعايير الدولية في الشفافية والحوكمة، وخصوصاً ما يتعلق بعقود الاستثمار، والمناقصات العامة، وتداول القطع الأجنبي، وتمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة».
أكد على ضرورة «إطلاق حياة سياسية تدريجية ومنظمة تبدأ من قانون أحزاب جديد يضمن حرية التنظيم والمنافسة السلمية، وانتخابات محلية حقيقية بإشراف قضائي، لأن الديمقراطية ليست ترفاً هنا بل شرط للاستقرار الداخلي وإعادة الثقة الدولية»، مشددا على ضرورة «إصلاح الإدارة العامة عبر تقليص البيروقراطية، وتفعيل الحكومة الإلكترونية، وتبسيط الإجراءات أمام المواطنين والمستثمرين بما يجعل الدولة شريكاً فاعلاً في التنمية لا عائقاً لها». وطالب بـ«ضمان الشفافية في التمويل العام وإعادة الإعمار، بإنشاء هيئات رقابية مستقلة تُنشر تقاريرها دورياً، وتُخضع أي منحة أو مشروع تمويلي للتدقيق والمساءلة، منعاً لتحول الدعم الدولي إلى مصدر جديد للفساد».
وأكد أن «الإجراءات السابقة لا تقتصر على التكيف مع متطلبات المجتمع الدولي، بل تمثّل في جوهرها خطة داخلية لبناء الثقة بين الدولة والمجتمع، وهو الشرط الأهم لانطلاق عملية إعادة بناء الدولة على أسس ديمقراطية وقانونية سليمة».