البراء والولاء للثورة


من أيام عدة كنت في جلسة مع مجموعة من الأصدقاء تناولنا خلالها نقاشات كثيرة لكن كان هاجس الثورة هو المهيمن على هذه النقاشات ،كلٌ منا يدلو بدلوه و رأيه ،و قد أجمع الحاضرون على أفكار مشتركة حول الثورة السورية.

جلست متأملاً ما دار من حديث محاولاً استنباط ومضات فكرية يتم إسقاطها على الثورة وفكرها من خلال جملة قالها أحد الأصدقاء وهي تستخدم في العقيدة والإيمان ، ألا وهي ( الولاء والبراء).

وليعذرني الأخوة طلاب العلم الشرعي و كل مهتم بهذا المجال لإجراء اسقاطات متنوعة على هذا الموضوع ، فقد وجدت فيه الكثير من المعاني التي يجب ربطها وتفنيدها.

إن قيام حركات التغيير الهادفة للنجاح والوصول يجب أن يكون لها قواعد وأسس ،إذ لا يمكن إحداث هذا التغيير بصورة عشوائية غير منتظمة بل لابد من خطوات متسلسلة ،هذا التسلسل ضروري و ملح ،فمثلاً لا يمكن القضاء على الفساد دون وضع أنظمة للحد منه يرافقها قوانين وآليات تعاقب عليه كذلك وجود أشخاص ينفذون تلك القوانين بصرامة ، ووجود بدائل للفاسدين في مواقعهم .

فالثورة هي إحدى أفكار التغيير وقد تتخذ أشكالاً عدة ، في مجملها تكون ذات خطوات متشابهة بل قد تكون متطابقة مع بعض الاختلاف.

إن القائمين على التغيير لابد و أنهم قد أدركوا في قرارة أنفسهم عند السير في هذا الطريق ، أن يبتعدوا عن كل ارتباط بالقديم وأن يستبرئوا منه استبراءً تاماً بكل تفاصيله و أفراده وأن يعلنوها صراحة قولا ًو فعلاً .

فبقاء الارتباط بمخلفات الماضي الفاسد ، أو حتى بخيط رفيع منه ، يعني إمكانية العودة ، فلا وجود لشعرة معاوية ، ولا وجود لأي ارتباط عائلي يخلق نوع من التعاطف ، والحال هذه فك الارتباط التام على كافة الصُعد.

عندما يتم هذا التحلل من القديم الفاسد والسير في طريق التغيير تبدأ مرحلة جديدة، هذه المرحلة تكون هي الولاء للحق، وأهل الحق، فتبدأ مرحلة البناء على أسس سليمة قويمة، لا خداع فيها، لا فساد، لا تبعية .

مرحلة قوامها الأخلاق و الفكر الحر الناضج ،سلاحها المعرفة و الإيمان بالقدرة على التغيير، هدفها التأسيس لمجتمع نقي صلب القوام لا تهزه عواصف الفساد ولا الفاسدين ، ولا تزعزع أركانه إرهاصات الخائفين وصيحات المنافقين .

ثقة متبادلة ،لا خداع فيها ولا مصلحة فردية على حساب الوطن وأهله ، الفرد جزء من الجماعة يعمل لمصلحتها وتطورها ، والجماعة هدفها مصلحة المجتمع و أفراده ، تكامل تعززه النواة الصلبة في الأسرة ، يقوي أركانه صلاح الوالدين و طاعة الأولاد .

إن البراء والولاء للثورة ضرورة حتمية لانتصارها، ووسيلة لتنقية صفوفها، وحاجة أمنية لبناء دولتها المستقبلية.



تنويه : السوري اليوم ترحب بنشر مقالات الكتاب السوريين ولا تعبر المقالات بالضرورة عن رأي الموقع