قلّبتُ صفحات الأخبار، فاستوقفني خبر يقول: "الألمان يصفقون لسيدتهم ميركل ست دقائق، على شرفات منازلهم، وهي تغادر طواعية سدة الحكم، تاركةً ألمانيا والشعب الألماني بأفضل حال" فسرقني النوم قليلاً لأقول لنفسي: " عذرا ميركل! صحيح إنك بتستاهلي التصفيق لأنك خدمتي شعبك، بس لا تشوفي حالك علينا"
فليس الألمان فقط !! بل نحن السوريون كذلك، برلمان شعبنا لا عمل لديه سوى التصفيق، وها هو يصفق لسيادته زهاء الستة عقود، لا الست دقائق.
و تضاربت الصور برأسي... فمن واحدةٍ ذكرتني بأننا كسوريين لم نصفق لرئيسنا من على الشرفات كما الألمان، بل هو من صفق لنا من عليها، وقد اعتبر نفسه دوماً أرفع من الشعب ونظر إليه من علياء، حتى خالهم همجاً رعاع، يمكن التضحية بهم جميعاً بشرفة وكرسي.
إلى صورة أخرى، دحضت فكرة من حدثته نفسه بتميز النظام الألماني عن الأسدي، وأنّ ميركل غادرت الحكم طواعية، فبشار الأسد بقي في الحكم مرغماً! فشعبه يريده كما يزعم بشار! و لن يتخلى بشار عنه قبل إيصاله لبرَّ الأمان.
وبرُّ الامان هذا سرقني لهوةٍ أخرى في منامي، هوةٌ رأيت فيها ميركل تغادر بعد 18 عاما الحكم، تاركةً شعبها وألمانيا بأفضل حال، لكن حافظ وخلفه بشار وبعد خمسين سنة لم يغادرا الحكم، وقد أوصلا سوريا والسوريين للحضيض، وصيّرا بلد الخير بلد طوابير، و بلد جبل المهاجرين بلد مُهجّرين.
فصحوت من منامي هلعاً قبل أن استذكر بقية المشهد، وقصصت رؤياي على جارتي العجوز المهجّرة، التي ما ظنت يوما أن تبتعد عن وطنها في أرذل العمر، لتقول لي يا بني :". هوي يروح ومو أنا بس كل السوريين بصفقوا له ستة أيام، وخلي وقتها ميركل تطق من الغيرة".